كيمياء سياحيَّة!

ثقافة 2021/03/14
...

قيس قاسم العجرش
 
يتحدث آشتون روبنسون، وهو خبير أسترالي شارك في التحقيق مع قياديي نظام السابق، ويقول: كشف لي علي حسن المجيد (علي كيمياوي) عن زاوية مظلمة جدًا من روح النظام الشمولي، وهي تلك التي تتعلق بنظرته للسياحة في البلاد. ففي ظل حاجة محرجة وماسة للنقد الأجنبي، وتحت ظرف اقتصادي ضاغط، يبحث النظام عن مصادر إضافية للتمويل. ولم يمانع أبدًا في التعامل مع مُهربي نفط من جنسيات روسية وتركية لتهريب نفط لا تتجاوز قيمته بضعة آلاف من الدولارات. ومع ذلك (والقول لروبنسون)، لم يلجأ النظام الى تنشيط السياحة. بل إنَّ الأمر في هذا القطّاع أوكل الى علي حسن المجيد (كما كشف بنفسه في جلسات التحقيق).
فلنُطلق العنان لمخيلتنا ونحاول أنْ نتصوّر شكل السياحة التي يمكن أنْ ينشطها ويقودها قاطع طريق مثل علي كيمياوي.
الحقيقة هي أنَّ هذا النظام لم يكن يرى في هذا القطّاع سوى منفذ لإمكانيَّة التجسس!. والأبعد من هذا، إنَّ ورود سائحين الى العراق، يعني بين ما يعنيه، أنَّ المواطن العراقي سيحتك ويتلامس عقليًا مع بشرٍ من خارج السجن العقلي الذي ترغب السلطة بحجره فيه. 
الأنظمة الخائفة والمتوجسة والمرتعشة هي تلك التي تحاول أنْ تبعد السياحة عن أرضها، أو أنْ تصنع شعبين؛ شعبٌ يخدم السياحة ويجد فيها عملًا، وشعب ينقم على المتنعمين بعائدات هذا المَدَر الاقتصادي. وحدث هذا في تونس ومصر مثالًا.
بقي أنْ نسأل، هل لا تزال رواسب هذه النظرة للسياحة باقية اليوم؟، أم إنَّ التخوّف من الاقتصاد السياحي انتقل من عقل النظام الشمولي ليستقر في بواقي المجتمع الذي رزح طويلًا تحت عجلات الشموليَّة؟.