ثامر الهيمص
تحدد سوق العمل عادة الجهات الرسمية, وزارتا التخطيط والعمل والشؤون الاجتماعية, والجهات غير الحكومية كالنقابات واتحاد رجال الاعمال واتحاد الصناعيين, والسؤال المطروح هنا : هل حددت هذه الجهات، فعلا، الحاجة لتشغيل العمالة في السمكرة والصباغة والحدادة والدوشمة، لاسيما اننا بصدد استيراد ملايين السيارات المتضررة، وما ستسببه من زحام في شوارعنا، وهل العمالة العراقية المختصة بالمهن المذكورة غطت آلاف الحوادث اليومية من اعداد السيارات وزيادتها المتواصلة من استيرادات القطاعين العام والخاص ؟.
القرار باعادة العمل باستيراد السيارات المتضررة، كما نشر في الصحافة الرسمية سيواجه مطبات لا نحسد عليها، اما ذريعة اعادة التصدير لجلب العملة الصعبة, فهذا الادعاء يبطله استيراد الادوات الاحتياطية لتصليح المتضرر من اجزاء السيارة المستوردة، كما ان هذه النافذة ستنضم الى عالم التجارة المنفلتة، لتقزم حجم العملة الصعبة الواردة من تصدير السيارات، ثم مَن مِن دول الجوار ستستورد سياراتنا المصدرة ؟, في وقت تصدر لنا صناعتها من السيارات غير المرممة، ودول الخليج تصدر لنا واردا خليجيا.
اما المستوى الفني والسيطرة النوعية لدينا، عدا المهارات الحرفية، لا يمكن الاعتماد عليها باعادة السيارة كأنها خرجت من المصنع، كونها مجازفة، وبالنسبة للبطالة، فلم يذكر قرار اعادة العمل باستيراد السيارات المتضررة، عدد العاطلين عن العمل من اصحاب المهارات المذكورة، لاسيما اننا نمتلك ورشا بهذه الاختصاصات تقدر بالآلاف، كما لم يتطرق القرار الى عدد السيارات المتضررة التي دخلت للعراق باسم (وارد اميركي او وارد خليجي) وكم صدرنا منها، وكم وفرنا عملة صعبة بعد طرح عملة المستورد من ادواتها لها ولغيرها من سيارات تتضرر عندنا؟.
لا شك ان تحجيم البطالة هدف مركزي ووطني وانساني، لكن لابد من وضعه في سياقه الصحيح ضمن اطر التنمية المستدامة ذات العلاقة بجميع الانشطة.
المعقول الان هو استيراد سيارة من دون جمرك في حالة عدم امكانية التصليح وتسقّط مروريا، لنعود لحقل التأمين الالزامي الشامل للشخص الثالث، فلنتصور ان الصندوق الخاص بالتأمين لنحو خمسة ملايين سيارة بمختلف الانواع والاسعار سيتيح لشركات التأمين العامة والخاصة أن تزيد فروعا ووكلاء لها، كما ان التأمين للشخص الثالث الراكب سيضع حدا لجميع الاشكالات المتعلقة بدفع الدية او تكاليف العلاج لضحايا الحادث، وبذلك يمكن اعادة تفعيل القانون السابق باضافة جديدة، لتأخذ شركات التأمين بتحريك سوق العمل من خلال تنظيمه وضمان تقاعد لمنتسبي الورش، لينشأ صندوق ضمان اجتماعي من نوع اخر، بدلا من تشرذم العمالة، كما يمكنها تنظيم العمل والتصليح لصالح جميع دوائر الدولة بعد اجراء التأمين على السيارات، ثم ليكون جميع (سكراب) هذه الورش لمعمل الحديد والصلب، ليصبح بالتالي تنظيم لمدخلات ومخرجات هذه التجارة، بدلا من تزاحم وتداخل الآراء والمشاريع وما وراءها.