في يوم الشعر العالمي الشعراء يرممون الحياة دائما..

ثقافة 2021/03/22
...

علي حسن الفواز 
 
الاحتفاء بالشعر يعني الاحتفاء بالحياة، والاحتفاء بالخصب اللغوي، فالشعراء أكثر نزوعا لتمثيل ارادة ذلك الخصب بوصفه عنوانا للتجدد، ولإدامة الحياة عبر سيرورة المعنى والوجود، ولوضع الشعر قريبا من فاعلية الخلق وسيولة الأفكار ولذائذ الكشف، إذ يمارس الشعراء طقوسهم في التدوين، وفي التفكير وفي اعادة تأهيل اللغة لتكون صالحة للخصب، ولتبديل ثيابها القاموسية والتاريخية 
والبلاغية.
في يوم الشعر العالمي الذي احتفى به العالم أمس، تتبدى دالة كتابته لتكون عنوانا لمواجهة القبح والكراهية والخوف والقمع، ليس لأنّ الشعر جمالٌ خالص، بل لأنّ وجود الانسان في العالم كان شعريا كما قال هولدرين، وهذا الإنوجاد هو تمثيل لقوة اللغة بوصفها أداته الفاعلة، وتمثيلا لقوة الحب والحرية، وللرغبة في أنْ يلامس الشاعر الوجود والطبيعة ويتعرّف على اسرارها وسحرها، وهذا لا يحدث إلّا عبر سرائر الشعر ومجسّاته وأطيافه وروح الطين التي تتوهج فيه، فما ورثناه من السيرة كان شعرا، وما اغتنينا به مسرحا واساطير كان شعرا ايضا، إذ يملك الشعر طاقة الفيض والخلق والنشيد، والشعراء يملكون سر الرؤيا، بوصفهم وارثي العرافين والحكماء والحكّائين والصعاليك وأصحاب المغازي وكتّاب الالواح والرقى وترياقات المعرفة، وأحسب أن هذه الحيازة هي الأثر الثرّ الذي تغتني به الأمم
والحضارات..
نحن نشاطر العالم الاحتفاء، نرمم معه التاريخ، نواجه قبح الحرب والمكاره، نعيد صياغة الرؤيا والاسئلة، نقترح المنصات والعتبات، نكتب القصيدة وكأننا نزرعها، نتوهج معها عبر لذة الخصب، نفتح أفقا للحياة، وأملا للبقاء، نجدد هيكل القصيدة، نهبها السعة والقراطيس، نكسوها قمصان أسفارنا وليس اخطاءنا، لكي نكون أكثر شجاعة في الاعتراف، وفي المعرفة، وأكثر حدسا بشغف الآتي، وأكثر تماهيا مع التحوّل، إذ نقترح لها مسارات ومسافات، واتجاهات نتداركها بالتشهي، والثورة، والمراودة، حيث لاتستكين اللغة للخواء ولا للصمت ولا
لليباس..
الشعراء في يومهم يغوون العالم بالحياة واللذة، يطلقون له أناشيدهم الكبرى، واحلامهم اليانعة بعيدا عن قسوة الموت والحرمان التي يصنعها المستبدون والعاطلون عن الحرية
والجمال..