منظر مؤسف ومحزن في الوقت ذاته عندما تطالعنا وجوه لاطفال بعمر الزهور وهي تنقر على زجاح نافذة المركبة طالبة العون بنظرات مستجدية عطف من بداخل العربة ، في وقت قريب كان عددهم ليس بالكثرة التي نجدها اليوم هذا هو الوطن المنتج . وكل من وما فيه يزداد ، عدد نفوسه وعدد اطفاله المتسولين وعدد ازماته والى هنا لا اريد ان اعدد الزيادات الاخرى بل اتركها لحصافتكم ، وذات يوم طرقت نافذة المركبة طفلة بوجه مدور وضفائر مبعثرة وملابس رثة سكبت على النافذة مزيجا من ماء ومنظف الاواني وبحركة ماهرة استطاعت ان تعيد لزجاجة النافذة نظافتها ، وهنا فتح رجل المرور الطريق وانطلقت بنا السيارات مسرعة ، اشرت للطفلة المتسولة وانا اقول لها تعالي الى هذا الشارع ، احتجت ابنتي التي كانت تقود السيارة قائلة (ماما نحن على عجلة ، ماذا تريدين من الفقيرة الصغيرة ) قلت لها من خلال ارتباكي ارجو ان تلبي طلبي هذا ، اذعنت السائقة ولكن بتذمر .. ووقفت بصبر نافد وهنا جاءت الصغيرة مهرولة ومادة يدها لتأخذ الالف دينار الذي لوحت لها به ، سألتها وانا انقدها الورقة واول سؤال ما اسمك يا حلوة قالت (سارة ) خنقتني العبرات اردت ان افتح لها باب المركبة ولكني خشيت ان تعترض ابنتي وسبقتني سارة وهي تتوسلني ان كنا نصل الى ساحة عنتر فقالت ابنتي لتصعد وامرنا الى الله .. قفزت سارة الى المقعد فرحة وكأنها عصفور صغير وجد ضالته ، سألتها هل لديها ام قالت بحزن ماتت ووالدي لحقها .. وسألتها من الذي يرعاك ؟ قالت بأسى عمتي التي دفعتني الى ان اعمل معها متسولة في الوقت الذي اتمنى ان اذهب الى المدرسة فعمري الان 7سنوات لكن عمتي لا توافق وتقول كيف نعيش وكيف انفق عليك وانت في المدرسة.. وهنا صاحت سارة توقفي يا خالة هذه هي عمتي .. وفتحت باب السيارة ونزلت مهرولة صوب امرأة تقف امام كازينو تتسول .. لوحت لنا سارة بيدها مبتسمة ..سارت بنا السيارة بسرعة سألت ابنتي لماذا كانت متشنجة مع المتسولة الصغيرة مع انها صغيرة ومرغمة على التسول قالت ابنتي ولكن مثلها بالالاف في اغلب شوارع المدينة ان تعطي ورقة نقدية صغيرة لواحدة من تلك الالاف ليس هو الحل وانت اول من يدرك ذلك وقد سمعتها منك مرارا قلت انه موقف صادفني يا ابنتي لم اتمالك نفسي اعذريني اعلم جيدا انك على عجالة من امرك ولكن ما ان علمت بان اسمها سارة حتى عدت بذاكرتي الى يوم مولدك يوم كنت اتمنى ان يكون اسمك سارة لكن والدك اعترض وتفاجأت بانه قد سجل اسمك الذي تحملينه الان انه جميل ولم اعترض عليه لا لشيء الا لكونه مشتقا من اسم امه ، تأكدي لم اعاتبه او ارفض اسمك الذي احبه اكثر من كل الاسماء قالت ابنتي مستغربة هذه الحكاية لم اعرفها سابقا .. والان عرفت لماذا كل هذا العطف مع سارة ثم قالت مازحة .. والان هل تريدين العودة الى سارة لنأخذها معنا الى البيت .. قلت لها لا عليك انها الامومة التي تنحني اجلالا لها كل العواطف.