ضد نوال السعداوي.. أو نوالهنّ الغريبة

ثقافة 2021/03/30
...

ابتهال بليبل
 
منذ أيام وأنا أفكر بتأليف كتاب ألجُ من خلال مباحثه التي بدأت تتشكل في ذهني إلى عالم المرأة الشاسع بحثا عن (الجدوى) و (الفائدة) من إنكار تجارب إدراك الذات الأنثوية والاستمتاع برضا وقبول بعض الرجال مقابل اثبات وجود ظاهرة للكراهية بين النساء.. ويوما بعد آخر تتعاظم رغبتي في الاشتغال على هذا الكتاب خاصة بعد ادراكي لشيء مهم وحقيقي جدا ظهر لي بشكل سافر بعد الرعب الأخلاقي –أقصد- طريقة ردود الأفعال تجاه خبر وفاة الكاتبة والناشطة النسوية نوال السعداوي 
(1931-2021) والتوصيفات اللفظية المبالغ بها التي تحتقر منجزها المعرفي وتشيطنه وترفضه بوصفه (عديم الجدوى أو غير فعال)؟.
في متابعاتي المتتالية لمثل هذه السلوكيات الحرجة وتحديداً تلك التي تبدر من النساء تجاه نسوية ما. كان يمرّ في عقلي دائما سؤال ملحّ: كيف يمكن تحفيز الناس على إحداث التغيير إذا لم يكن هناك ما هو مهم وحقيقي وجاد؟.
أفكرُ هكذا وأنا أتأمل الدافع لهذه الهجمة غير المسوغة أبدا، علماً أنَّ المعارضات نلنّ حقوقهن عبر الحركات النسوية وحملات الطعن بالقيود المفروضة على تعبير النساء عن الذات. 
مع ذلك، لن أتحدث الآن عن هذه الحقوق.. فلديّ ما هو أهم، أو بمعنى أدق، سأتحدث عن التأثيرات غير المباشرة لهجمة هي جزء من إحياء المشاعر المعادية بين امرأة وأخرى. 
تجريبيا، تخبرنا الكلمات (التحقيرية) القاسية، عن قلة الوعي والقدرة الزائفة وغير ذلك. لأن الكلمات مهمة من منطلق أنها أدوات للتفكير، فهي تعكس الواقع الاجتماعي وتشكله على وفق المشهد الثقافي ووسائل الإعلام السائدة، لذا فهي تثير استجابات واعية وغير واعية. وعندما تصدر الكلمات المسيئة من نساء تجاه ناشطة نسوية فإنها بذلك - أقصد الإساءة - تضرّ كل النساء. وهذا يتوافق مع خطاب التبعية لمجتمع أبوي يشجع فكرة أن النساء مختلفات فيما بينهنّ، وبطريقة أكثر سلبية: (فإن الكراهية بين النساء كبيرة).
يذكرني ذلك أيضاً، بالخلط المخيف بين عبارات الاعتداء والإساءة وحرية الرأي، وكيف أن معظم النساء يشجعن "الحلول" الفردية للمشكلات الاجتماعية والثقافية حتى لا تهدد أوضاعهن الراهنة.. لكن هذا المكسب الفردي هو في النهاية جزء من خسارة للنساء كافة.
الذي يدعو للقلق هنا ويتجاوز مسألة المكسب الفردي هو أن إطلاق الهجمات عادة ما يكون على شيء (من المفترض أن يتم السيطرة عليه وقهره وهزيمته). هذا الأمر الذي تجهله كثيرات من - المعارضات – وكأن المطالبة بحقوق المرأة لا يعني بالشيء المهم لهن، وما تحقق من تلك الحقوق ليس عملا يعتمد على تضحيات النسويات.
كأنّ نوال السعداوي التي ربما تكون هي أكثر من مثلت النسوية في المجتمع العربي أشرت خلال وفاتها من دون قصدإلى أهمية إدراك الذات الأنثوية، أو كأنّ الهجمة النسائية المعارضة لأفكارها جاءت بغير وعي حقيقي ولكنهاتظل تدعم التمييز على أساس الجنس والفكر أو العقل.