قصص الأطفال والرعب

ثقافة 2021/03/30
...

  عفاف مطر
من منا لم يسمع أو يقرأ أو يشاهد قصة عازف المزمار، أنا شخصياً رأيتها في سلسلة حكايات عالمية مخصصة للأطفال على التلفزيون حين كنت صغيرة، هي باختصار لمن لا يعرفها: يحكى ان هناك مدينة صغيرة تدعى هاملن تقع على ضفة نهر في ألمانيا، في أحد الأيام هاجمت مجاميع هائلة من الفئران تلك المدينة، وتفشل محاولات السكان كلها في اخراج أو قتل هذه الفئران، فيعلن رئيس الكهنة عن مكافأة قدرها، ألف قطعة نقدية لمن يستطيع تخليص المدينة من الفئران، فيعلن رجل غريب عن أهالي المدينة، يرتدي ملابس ملونة ويحمل مزماراً، أنه يستطيع أن يُخَلِصهم من الفئران عبر عزفه على المزمار، فيواجَه بموجة سخرية عارمة من قبل الأهالي، لكن المفاجأة أنه ينجح فعلاً عبر عزفه على المزمار في شارع المدينة الوحيد، في اقتياد الفئران الى ضفة النهر، فترمي الفئران بأنفسها الى النهر وتموت. يرجع العازف مطالباً بالألف قطعة نقدية، فيتنكر أهالي المدينة لوعدهم، ويتهمونه بالدجل، ويهددونه بالسجن، فيقرر عازف المزمار الانتقام. في أحد الأيام حيث كان يجتمع أهالي المدينة في الكنيسة للاحتفال بأحد الأعياد الدينية، بينما الأطفال في المنازل، يستغل عازف المزمار الفرصة، فيعزف على مزماره في شارع المدينة، فيسمع الأطفال صوت المزمار، فيلحقون العازف كما المسحورين، ويأخذهم الى الضفة الأخرى ويختفي معهم خلف الجبل. القصة تحمل معنى أهمية الوفاء بالوعد وعاقبة انكار الجميل. لكن مفاجأتي لكم اليوم أن هذه القصة ليست خرافية أو فلكلورا شعبيا ألمانيا كما كانوا يحكون لنا ونحن صغار، بل هي قصة حقيقية مرعبة؛ وقد حصلت أحداثها المأساوية بالفعل في نهاية القرن الثالث عشر ميلادي، والدلائل على واقعية القصة: الشاهد الأول: في شارع مدينة هاملن، يوجد منزل يدعى منزل عازف المزمار، لم يسكن عازف المزمار فيه، لكن سمي هكذا لوجود بلاطة سوداء على أحد جوانب المنزل نقش عليها "في السادس والعشرين من يونيو من العام ألف ومئتين وأربعة، مئة وثلاثون طفلاً من أطفال هاملن، خُدِعوا واقتيدوا الى خارج المدينة على يد عازف مزمار يرتدي ملابس ملونة، وبعد أن عبروا التلال فيكوبينبرغ اختفوا الى الابد"، الشاهد الثاني: هناك من رأى الأطفال قبل اختفائهم وللمرة الأخيرة في شارع المدينة، لذا يُمنع عزف الموسيقى حتى يومنا هذا في هذا الشارع، وإذا حصل أن مرت سيارة زفاف أو حدث احتفال بمناسبة ما، تتوقف الموسيقى تماماً أثناء مرورها في هذا الشارع حتى يومنا هذا احتراماً للأطفال المفقودين. الشاهد الثالث: نافذة زجاجية ملونة داخل كنيسة قديمة في السوق القديم للمدينة، مرسوم عليها عازف المزمار بثيابه الملونة والأطفال وهم يتبعونه، وكُتِب أسفل اللوحة "مئة عام مضت على رحيل أطفالنا".
القصة الثانية هي القصة الشهيرة ليلى والذئب، من منا لا يعلم هذه القصة؟ لا أحد. لكن هل تعلمون أن قصة ليلى والذئب هي قصة حقيقية ومأساوية أكثر من قصة عازف المزمار؟ في الريف الفرنسي، في إحدى القرى البعيدة، طلبت أم من طفلتها أن تحمل الطعام الى بيت جدتها الواقع في آخر الغابة، وكان ذلك بعد العصر، فذهبت الطفلة، ولكنها ضاعت في الغابة حتى حلّ المساء، فوجدها مجموعة من الشباب، وللأسف قاموا باغتصابها حتى الموت، وهذا ما أثبتته الشرطة في صباح اليوم التالي. كتب القصة أول مرة الكاتب الفرنسي شارل بيرو وكان الذئب كناية عن الشباب الذين خدعوا الطفلة واقتادوها. بيني وبينكم، لا تعلموا الأطفال الحقيقة، "خليها لما يكبرون"، أفضل.