حكايات من تراث الشاميَّة

فلكلور 2021/04/01
...

  شكر حاجم الصالحي
 
ثلاثون حكاية ضمها إصداره الجديد الذي وثق فيه حكايات أهل مدينته الفراتية "الشامية" والتي تقع ضمن الحدود الإداريَّة لمحافظة الديوانية والتي لها من الإرث التاريخي ما يجعل أبناءها يفتخرون بماضيها المجيد ويأسفون على حالها في حاضرها الملتبس.
ومؤلف "حكايات من تراث الشامية"ـ حازم كاظم بلال الجعفري أحد مؤرخيها الأمناء وكاتب أوجاعها عبر ما أصدره من كتب قبل جديده هذا, وقبل استعراض ما تضمنه الكتاب هذا, أشير الى التباين في العنوان فهو على الغلاف الأول جاء هكذا ــ حكايات من تراث الشامية ــ في حين ظهر في الغلاف الداخلي بهذه الهيئة ــ حكايات من أرشيف الشامية ــ ورغم هذا الاختلاف في ذلك لا يخل بالغاية من التدوين, فإنَّ هناك فرقاً واضحاً بين مفردة ارشيف ومفردة تراث, ولست هنا في معرض البحث في وجوه الاختلاف المعروفة هذه.
يقول مؤلفه حازم الجعفري في مقدمته الموجزة: "فدراستي هذه يمكن أنْ تصبّ في منهل عام سبقني إليه العديد ــ ولم يشر لدنك العديد ـــ وأتمنى أنْ أوفق في جهدي اليسير هنا, ومن هنا لا بُدَّ من الإيجاز والإشارة الى طيبة أهلها (الشامية) الذين أمدوني واستذكروا معي وأضافوا جهداً وتصدوا في إضاءة (تراث) ــ المعقوفتين من وضعي ــ لابل أغرقوا بتفاصيل ومظاهر حياتية عاشوها وأهلهم أيضاً".
ومن بين الحكايات التي ضمها الإصدار: "كطيف, كصاص الكلوب, الحمام, ظرفاء الشامية, وفاة أم محمد, الزفاف المأساوي, ابو العيس, سوك الحطب, جلوب الاوتجي, ديج الزعلانة, عطارو الشامية, مقهيان, دورات الزمان.. وحكايات أخرى وأختارُ هنا حكاية (الماوراهه صياح وحشه الجنازه) ص 64 من الكتاب لتكون أنموذجاً يتعرف القارئ من خلاله على منهج واسلوب المؤلف في سرد حكاياته المحملة بعبق الماضي الجميل.
تقول الحكاية:
"إنّ النساء كن يشاركن في تشييع الجنائز من أهل المدينة ليس فقط من القربى بل من أهل المدينة الآخرين حتى لو لم يكن من أقاربهن بوصفه واجباً أسرياً وكان عددهن كبيراً إذا كان المتوفى شاباً أو ذهب ضحية حادث مأساوي أو مؤلم, وكان التشييع يتم من الجامع الكبير، إذ لم يكن في المدينة جامع أو حسينية غيره وهو الوحيد فيها, وكانت الجنازة تخترق شارع الإمام علي (ع) والتوديع يكون في ركن مبنى القائممقامية سابقاً (البريد حالياً) من جهة العلاوي.
وكانت النساء المعزيات يتجمعن هناك, وعندما يصل المشيعون تبدأ النساء بالصياح وهن يودعن المتوفى في منظر مؤلم وحزين, ولا يتوقفن عن النواح والبكاء حتى يتم تحميل الجنازة على السيارة, وتتحرك الى مثواها الأخير وقد توقف هذا التقليد في نهاية الستينيات من القرن الماضي وانتقل التشييع الى حسينيّة الحاج شاكر أو السواق كما كانت تسمى سابقاً, بعدها توقف حضور النساء للمشاركة في التشييع, ولا أعرف من هو الشاعر الذي قال هذا البيت بعد أنْ توقف هذا التقليد:
يا كاظم الخالات عازتها عازه
الما وراها صياح وحشه الجنازه
ــ انتهت الحكاية ـــ
ولا بُدَّ هنا في ختام هذه الإطلالة الموجزة من الإشادة بالجهد الذي بذله المؤلف حازم الجعفري الذي نتمنى أنْ يكون دافعاً لمؤرخي المدن الأخرى بتدوين وأرشفة تراث مدنهم العريقة ليتعرف الأبناء على ماضيهم وليكون ذلك حافزاً على تنشيط حركة التأليف وحفظ مأثوراتنا الشعبية الغنية بالمواعظ والدروس.