وروتينها القاتل وهي تستيقظ صباح كل يوم على صراخ زوجها المتذمر من الحظر الصحي، وهو يفكر بين جمع قوته
بعد 20 عاماً.
قائلة: «الوضع الصحي المتردي القى بظلاله على الاجواء الاسرية وجعل من الجدران الملونة اسوارا تحيط بنا وتكبت انفاسنا، ففضلا عن الخوف والقلق من هذا الوباء وانتقاله بين افراد الاسرة نواجه تحديات وصعوبات في كيفية التعامل مع ازواجنا ونفسياتهم غير المعتادة على التواجد في البيت طوال اليوم، الامر الذي جعلنا نواجه الجائحة نفسيا وليس صحيا»، وتشاطرها الرأي الموظفة الحكومية منتهى جاسب مؤكدة «ان الجائحة ادخلتها في مرحلة جديدة اكتشفت خلالها اهمية خروج المرأة للعمل بعيدا عن البيت ومتطلباته»، مبينة «كنت اعاني كثيرا من الذهاب الى العمل، لكن بعد الحظر وجدت انني اعيش اجواء جميلة برفقة زميلاتي بالعمل، فالخروج معهن والتكلم يخففان ضغوطاتي ويبعداني عن مشكلات كثيرة انا بغنى عنها، لاسيما اني اعيش مع اهل زوجي».
مشاحنات أسريَّة
«لا شك ان وقت الحظر فرض الكثير من الطقوس، ومن ضمنها تواجد الزوجين وافراد الأسرة مع بعضهم، ووضعهم في أجواء مشحونة بالتوتر والقلق بسبب ظروف الحياة المختلفة وعدم وجود البدائل اللازمة لتصريف الطاقة، فضلا عن عوامل كامنة في العلاقة بين الرجل والمرأة تجعل الامور تخرج عن السيطرة وتتحول الى تبادل في الكلمات القاسية الذي سرعان ما يتطور في بعض الأحيان الى عنف جسدي، لعل ابرز الأسباب هي تواجد الرجل غير معتاد في المنزل وطلباته التي تثير المرأة وتحول الموقف الى توتر وعنف»، بحسب عبد الواحد مشعل استاذ الاجتماع في جامعة بغداد.
واضاف: «ظاهرة العنف بدأت تزداد في الآونة الأخيرة، وتضع المرأة في زاوية معينة بعد أن اسهمت الجهات المعنية بوضع حد لها، تأتي اليوم عاصفة تهدد الحياة الاسرية، لذا يجب تسليط الضوء عليها ووضع العلاج المناسب لها قبل أن تلحق اضرارا بالغة تتعدى المعقول».
التهرب من المواجهة
اما الناشطة المدنية كرمل عقيل عبد الواحد فاشارت الى أن «ما يحدث من مشكلات وضغوطات هو تنفيس لتراكمات طويلة لم تجد طريقها الصحيح للتسرب خارجا، وهذا ما جعل اغلبية الناس في مواجهة لجميع مشكلاتهم الاسرية التي تم كبتها وتأجيلها لأجل غير مسمى الى أن اتت فرصة الحجر، فجميع الامور التي نؤجل مواجهتها سنجبر يوما ما على ذلك ولكن ليس بالطريقة السليمة التي ستساعدنا على حل
المشكلات».
وبينت عبد الواحد «نحتاج الى أن نتعلم التعبير الصحيح ومواجهة المواقف اولا بأول، كي لا نضطر الى التعبير الخاطئ والخارج عن زمام السيطرة، وهذا يكون نتيجة التدريب المستمر على التعبير والتشخيص الصحيح للمشاعر».
الأزمة الاقتصاديَّة
من جهته، حذر د. سعد مطر عبود المختص بعلم النفس التربوي من مخزون العنف الذي تعرضت له النساء خلال فترة الحجر الصحي بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد، اذ سيولد ازمة بدايتها نفسية تنعكس بدورها على الابناء وتخلق فجوة في التوازن الاسري، فضلا عن دور الازمة الاقتصادية التي هي الاخرى اخذت تلتف حول عنق الاسرة، ونحن كمختصين علينا ألا ننتظر حدوث ازمات طارئة فلا بد أن نبادر بتقديم علاج نفسي وندوات لتوعية المرأة ومساعدتها للتخلص من ضغوطاتها النفسية كونها صمام الامان للاسرة، وبامكانها تهيئة الاجواء وجعلها صحية وملائمة في طرد سلبيات الحياة من جهة ومواجهة
«كوفيد - 19» من جهة اخرى.