مساعد الخباز

ثقافة 2021/04/05
...

 سينثيا أندرسن
 ترجمة: جودت جالي
البنت التي لا تأكل تأتي الى محل جيمي كل يوم في الوقت نفسه. ستكون أنت منشغلا بملء صينية بحلوى الكانولي، وتراها واقفة هناك، مقرفصة عند العارضة ووجهها لصق الزجاج. 
أنت تخلط سكرا بجبن الريكوتا، تمسح يديك بمئزرك، في حين تراقبها طوال الوقت. 
نحيفة، تكاد تكون بلا لحم، جلدها الزيتوني مشدود الى 
عظامها. 
برغم هذا فهي جميلة بجمال لوحات بوتشيللي وهي راكعة هناك، بخصلات سود وشفتين ممتلئتين. أنت لا تتحرك في حين تطوف عيناها على رفوف كيك التيراميسو والمعكرونة كاشفة عما تحب حيث تتباطأ نظرتها. أحيانا يترك نَفًسُها نفثات على الزجاج وأنت تتخيلها من تجليات ملاك ولكن هناك بصمات أصابع أيضا، مسحات خفيفة تجدها فيما بعد عندما تنظف الزجاج بمنظف ويندكس.
أخيرا تسألها: "هل أستطيع أن أساعدك يا آنسة؟" بالطريقة نفسها التي تتمنى أن يتعامل بها أي شخص معها. ترتفع عيناها ببطء. قلبك يتحرك، ويستقر في مكان آخر. تقول هي دائما "أتفرج فقط"، صوتها ناعم، ثم تنهض، تتراجع، وتمرر لسانها على شفتين جافتين. تستدير الى زبون آخر وأنت شاعر بأن جيمي خلفك. عندما تنظر نحوها مرة أخرى تكون قد ذهبت، حتى الغد، عندما تعود في حين يخرج جيمي الحلوى البسكوتية من الفرن والمخبز مليء بالرائحة الجوزية.
البنت التي لا تأكل تزداد نحافة كل يوم ولكنها جميلة بينما أنت تنتظر، تراقب، حتى تراها ذات عصر تجاهد لتقف بعيدا عن العارضة فتدرك أنها تختفي. ترى ضلوعها من خلال بلوزتها، وترى ترقوتها، وعظام فكها. تتمدد على فراشك تلك الليلة مستيقظا في الهواء الحار الساكن، وعندما تنام تحلم بالعصافير التي تتجمع على درجات المتنزه ساعة الغداء.
في الصباح التالي، في المخبز، تملأ كيسا بأشياء تحبها هي، حلوى بعد أخرى. تبدأ تشعر بالتحسن. تدندن لاحسا الشوكلاته من أصابعك. ذلك صحيح. ستطعم البنت التي لا تأكل. تكون مستعدا حين تأتي، تمسكها قبل أن تركع.. تقول لها "خذي آنستي" تدفع العلبة عبر النضد "هذه لك"، الفتاة تحدق بالرزمة المشدودة بخيط بإحكام. تخبرها "فيها كل شيء تحبين.. حلوى البابا وجراد البحر. بعض من حلوى نصف قمر. خذيها رجاء". تدفع العلبة أقرب اليها. تمس أصابعها جانبا، وأصابعك الجانب الآخر. النبض في رقبتها يخفق. تقول "كلا. لا يمكنني..آ..." تسحب يدها، تنظر اليك كما لو كانت قد وقعت في فخ، وتقول "هذا مكان لطيف" ويصطفق الباب خلفها.
تخفي العلبة خلف الكيك، وحين تغادر تأخذها معك. إن السرقة ليست عملا صالحا ولكنك في تلك الليلة عندما تتمدد في الفراش جاعلا قطعة من حلوى البابا تذوب في فمك تدرك أن هذا كله يخص حقا البنت التي لا تأكل، وليست لجيمي، بأية حال. لقد استحقتها.  
في عصر اليوم التالي لا تظهر البنت، وهو ما لم يدهشك. تكره نفسك وأنت تنتظر، ولكنها لا تظهر. في الليلة الثالثة تترك جيمي بعد العمل عندما تلمحها في الشارع عند محل كاردوشي. تقف البنت بعيدا عن شاربي قهوة الإسبريسو، حاملة غليون مخدر. تدني رقاقة المسحوق من أنفها، في حين أنت تستنشق معها نكهة اليانسون. أنت دائخ، هناك على الرصيف الوسخ، وأنت لا تدري بأي توق تشعر، توقك أم توقها. 
تستند الى الآجر وتشعل سيجارة مفكرا فيما ستقوله عندما تدخل في المحل، ممارسا كل شيء لن تسأل جيمي كيف تساعده فيه.
 
 
***                                                                                                                                    
from The Iowa Review, reprinted in Flash Fiction Forward, Norton & Norton Co
سينثيا أندرسن كاتبة أميركية تُدرِّس الكتابة الابداعية في جامعة بوسطن.