التشيليَّة غابرييلا مسترال.. العيش في الضوء

ثقافة 2021/04/06
...

 بغداد: الصباح
غابرييلا مسترال هو الاسم المستعار للوثيا دي ماريا التي تصادف ذكرى ولادتها غداً 7/نيسان 1889.. لقد كانت شاعرة نسوية ودبلوماسية وتربوية وواحدة من الشخصيات الرئيسة في الأدب التشيليّ، كما وتعد أول امرأة لاتينية أميركية حائزة جائزة نوبل في الأدب عام
1945.
ولدت غابريلا ميسترال في ييكونيا، المدينة التي تحتوي الآن على المتحف المخصص لها ويحمل اسمها. عندما كانت تبلغ من العمر عشرة أيّام حملها والديها إلى (أونيون بيسكو إلكى) وعلى الرغم من ذلك نجد أنّ جمهورها هم من ينتمون إلى مدينة (مونيس جراندي) حيث عاشت فيها من عمر الثلاثة أعوام حتّى التسعة، فهو المكان الذي طلبت وضع قبرها فيه. 
ترك والدها المنزل عندما كانت تبلغ من العمر قرابة ثلاثة أعوام، على الرغم من ذلك كانت غابرييلا ميسترال تحبه وتدافع عنه دائماً، تروي أنّها أثناء تقليبها في الأوراق وجدتْ بعض الأبيات الشعرية الجميلة التي كتبها والدها تقول: "هذه الأبيات لوالدي، هي أول أبيات شعرية قرأتها والتي أيقظت بداخلي العاطفة الشعرية".
عندما كانت تبلغ من العمر الخمسة عشر عاماً أحبّت (الفريدو بيديلا بيتيدا) وهو رجل ثري ووسيم وأكبر منها بنحو عشرين عاماً. إذ كانت تقوم بمراسلته لأكثر من عام، فيما بعد التقت (بروميليو أوريتا) الذي كان يعمل في وظيفة حكوميةوالذي اقترض مالا من المحطة التي كان يعمل بها لمساعدة أحد أصدقائه ولكنه لم يستطع تسديدها لتنتهي حياته بالانتحار. 
بدأت في عام 1904 العمل كمدرس مساعد في المدرسة التابعة للشركة الخافتة في سيرينا، كما بدأت أيضاً في الكتابة في صحيفة (كوكيميو) و(صوت إلكى).
حصلت في عام 1914 على أول جائزة في المناظرة الأدبية لمسابقة الألعاب الذهنية في سانتياغو بمقطوعات الموت. استخدمت من ذلك الحين الاسم الأدبي المستعار غابرييلا ميسترال في جميع أعمالها تقريباً، تكريماً لاثنين من شعرائها المفضلين، الإيطالي غابرييل دانونسو والفرنسي فريدريك ميسترال. 
نشر (جوليو مولينا وخوان أغسطين) في عام 1917 واحدة من أهم المقتطفات الشعرية الغنائية التشيلية، ظهرت لوثيا جودوي في هذا العمل كواحدة من أكبر الشعراء التشيليين، ويعد هذا العمل واحداً من آخر الأعمال التي استخدمت فيها اسمها الحقيقي.
شغلت منصب مفتش في مدرسة البنات في سيرينا كونها مربية فاضلة، قامت بزيارة كل من المكسيك والولايات المتحدة الأميركية وأوروبا بهدف دراسة المدارس والأساليب التربوية، كما تمّت دعوتها إلى بعض الجامعات. 
عاشت في (أنتوفامستا) الواقعة أقصى الشمال حتى ميناء بونتا أريناس الواقع في أقصى الجنوب، حيث أدارت أول مدرسة ثانوية لها وشجعت الحياة المدنية محدثةً إياها إلى الأبد. 
ولكنها انتقلت إلى (تيموكو) في عام 1920 من حيث بدأت رحلتها في العام القادم إلى (سانتياغو) التقت أثناء إقامتها في أراوكانيا بشاب يُدعى (نيختالي رييس) والذي لاحقاً سيعرف عالمياً باسم (بابك نيرودا) كانت تطمع غابرييلا إلى تحد من نوع جديد بعد إدارتها لمدرستين للمرحلة الثانوية يتمتعان بجودة سيئة، حصلت على المنصب المرموق كمديرة للمدرسة الثانوية السّادسة في (سانتياغو) لكنها لم تقابل بحفاوة من قبل المدرسين، منتقدين افتقارها للدراسات المهنية.
يعد "إقفار" أول عمل رائد ظهر لها في نيويورك عام 1922، والذي تمت كتابة معظم قصائده قبل عشر سنوات من نشره أثناء مكوثها في حي (كوكيمبيتو). 
في عام 1923 نشرت عملها "قراءة من أجل النساء". أمّا في تشيلي فقد ظهر الإصدار الثاني من كتاب "إقفار" بتوزيع عشرين ألف نسخة كما ظهر في إسبانيا كتاب "مختارات" من أفضل الأشعار بمقدمة لمانويل فونتوليو.
وعقب قيامها بجولة داخل الولايات المتحدة وأوروبا،عادت إلى تشيلي حيث تأزم الوضع السياسيّ وأصبحت مضطرة للعمل من جديد داخل أوروبا عام 1926 كمسؤولة عن أحد أقسام عصبة الأمم، وفي العام نفسه شغلت منصب أمانة معهد التعاون الدوليّ وعصبة الأمم في جنيف، وفي عام 1924 قامت بنشر كتاب "تيرنورا" في مدريد وفيه قامت بعمل بعض التجديدات في "الشعر التعليمي"، مستحدثةً أيضا الأنواع التقليدية للأشعار الخاصة بالأطفال، على سبيل المثال: "أغاني المهد والتهويدات" وذلك على طريقة تجربتها الشعرية المحدودة والمنقحة، وفي عام 1924 توفيت والدتها (بترونيلا الكايجا) ولذلك خصصت لها الجزء الأول من كتابها "تالا".
ومنذ ذلك الوقت تحولت حياتها إلى سلسلة من العمل المستمرّ من دون وجود موقف محدد تستخدمه لإثبات موهبتها، ولذلك فضلت أنْ تعيش ما بين أميركا وأوروبا.
تلقت خبر حصولها على جائزة نوبل في عام 1945 أثناء وجودها في العاصمة البرازيلية (بيتروبوليس) حيث كانت تعمل قنصلا لبلدها منذ عام 1941، وقد تزامن هذا مع انتحار ابن اخيها (ين ين – خوان ميجيل ميندوثا) في سن الثامنة عشرة والذي قامت برعايته بمشاركة صديقتها التي كانت محل ثقةٍ بالنسبة لها، وبذلك قد قامت صديقتها (بالما جيين) برعايته بمفردها وعاش معها منذ أنْ كان في سن الرابعة.
ويعد الدافع وراء تسليمها جائزة نوبل هو "أعمالها الشعرية" الملهمة بتعبيراتها القوية والتي حولت اسمها إلى رمز يمثل التطلعات المثالية لشعوب أميركا اللاتينية.
عادت غابريلا مسيترال إلى الولايات المتحدة الأميركية للمرة الرابعة في أواخر عام 1945 ولكن هذه المرّة لتشغل منصب قنصل في ولاية لوس انجلوس. 
وفي العام التالي كتبت جزءاً من كتابها "لاجار" الّذي نُشر في تشيلي عام 1954، والذي تتميّز أشعاره بوجود بصمة واضحة لآثار الحرب العالمية الثانية، وفي عام 1946 تعرفت على الكاتبة الأميركية - دونيس دانا- إذ ربطت بينهما علاقة وطيدة مثيرة للجدل استمرت لعدة سنوات وانتهت برحيل غابريلا مسيترال في 1957 عن عمر يناهز 76 عاما.