ياسر المتولي
في مراجعة سريعة للواقع الاقتصادي العراقي ما بعد العام (2003) بهدف متابعة المراحل التي شهدها الاقتصاد، فالمرحلة الاول كانت مرحلة مفصلية ومعقدة، كونها انتقالية من اقتصاد ينتهج المنهج الشمولي الى المنهج الحر، وفقاً للدستور الذي اقر التحول .
وقد جرت محاولات عدة، لكنها متواضعة باتجاه الانتقال ولم تحقق اهداف التحول والمرحلة الانتقالية، وذلك لعدم وضوح الرؤى ولتقاطع القوانين الاقتصادية الجديدة مع القوانين الشمولية النافذة، والتي ما زالت تعيق اي محاولة للاصلاح الاقتصادي، ولكن لا يمكن اغفال امور مهمة رافقت الفترة بعد 2003 وما شهده اقتصاد الأسرة، من تغيير ايجابي بالمقارنة مع الفترة السابقة، ومعالجة نسب التضخم المرتفعة، والانفتاح على اهم المنظمات العالمية التي باتت تقدم النصح للبلاد.
من جانب اخر فقد تمكن العراق من ايجاد غطاء قانوني لترحيل العقوبات الاقتصادية، التي كانت مفروضة على العراق بتاسيس المصرف العراقي للتجارة، ليقوم بدور التعاملات الاقتصادية مع العالم .
بات العراق اكثر انفتاحا على العالم والموازنات السنوية اكبر مما كانت عليه تتم تغذيتها من ايرادات النفط الخام، ولكن كان هناك خلل في توظيف الاموال بالشكل الذي يدعم عملية التنمية الاقتصادية التي تنشدها البلاد، ويتطلع اليها الشعب والاوساط الاقتصادية على حد سواء.
وكان العراق ولا يزال اكثر الدول التي تتاثر بالازمات المالية العالمية، التي تعصف باقتصادات الدول والسبب يتعلق بسوء ادارة المال العام وعدم توظيف عائداته الريعية لاغراض تنشيط القطاعات الانتاجية، ولم يعتمد مبدأ انشاء الصناديق السيادية التي تعتبر المصد لأي ازمات مالية .
كما واجه العراق اعتى هجمة شرسة في تاريخ البشرية والمتمثلة بعدوان وهمجية داعش ومآسيها وانعكاسات نتائجها على الواقع الاقتصادي.
ويواجه الاقتصاد العراقي كذلك تحديات عصيبة مختلفة ادت الى خلق تشوهات بنيوية، تحتاج الى جهود كبيرة لتصحيحها وانتشاله الى بر التنمية والنهوض الاقتصادي .
كما ان جائحة كورونا هي الاخرى أخذت شوطاً اخر لتعيق النمو، خصوصاً تزامنها مع بوادر ازمة مالية عالمية تاثر بها العراق، بسبب تداعيات وانخفاض اسعار النفط، الذي يعد الريع الرئيسي للاقتصاد العراقي ومصدر موازناته السنوية، ولتعطيل مجمل القطاعات الانتاجية ومرافقة ذلك نسب بطالة باحجام كبيرة .
لذلك انتبهت الحكومة مؤخراً لمعالجة مشكلات العراق الاقتصادية، من خلال سعيها لتحفيز الاستثمار الخارجي، والذي تمثل بمحاولاتها عقد صفقات واتفاقيات اقتصادية وتجارية مع محيطنا العربي والاقليمي، والتي ستنشط وتفعل الاقتصاد وتحرك النمو اذا كتب لها النجاح وتم تنفيذها بسهولة
ويسر .
والاستثمار يمثل الفرصة المهمة المتمثلة باستقطاب واجتذاب الاستثمارات العربية وتحقيق التكامل مع الاقتصادات العربية والاقليمية، انطلاقاً من المصلحة الوطنية
للبلد.