الأسواقُ هي شريان المدن, والمكانُ الذي تجلب اليه السلع والبضائع وتباع وتشترى فيه، وهي أيضا مكان لالتقاء الناس. وأقدم سوق في الحلة أسست في بداية القرن الخامس الهجري، وقد ذكرها الرحالة ابن جبير بعد أن دخلها في عهد امارة طاشكين، وهي السوق القريبة من سوق الهرج ومقام الغيبة.
أسواق حافلة
وقد وصفت الحلة من قبل أغلبية الرحالة الأجانب، الذين زاروها بكونها مدينة عامرة ذات أسواق حافلة، جامعة للمرافق المدنية والصناعات الضرورية, وعلى امتداد العصور كانت مركزاً تجارياً لإقليمها الزراعي بسبب موقعها الستراتيجي وسط العراق في نقطة التقاء الطرق المؤدية الى مدن الفرات الأوسط، ويقول الرحالة الانكليزي بورتر الذي زار الحلة عام 1818م ( في الحلة أسواق متعددة منها سوق للبزازين وسوق للخيل وأخرى للجزارين وسوق للصاغة وغيرها).
وتتركز الأسواق في الجانب الكبير من شط الحلة وأولها هي سوق الحلة الكبيرة (المسقفة) التي تمتد من مركز المدينة حتى حديقة الجبل بطول يقارب الكيلومتر, وهي سوق عامة غير متخصصة، تجد فيها جميع أنواع السلع والتجارات، وتتفرع منها عشرات الأسواق عن يمينها وشمالها، هذه السوق هي عمود الحلة الفقري، وقد تطورت خلال مراحل تأريخية، حتى أخذت شكلها الحالي.
ومن الأسواق المتفرعة من سوق الحلة, سوق البزازين وتقع على اليمين من جهة الجسر القديم, وفي أربعينيات القرن الماضي كان تجار الأقمشة المسلمون واليهود يتقاسمون السيطرة على هذه السوق. أما سوق القصابين فهي أيضا تتفرع من جهة اليمين من السوق الكبيرة وهي من الأسواق القديمة وما زالت قائمة حتى الآن.
عمرها 800 عام
تقع سوق الصفارين في محلة جبران على جهة اليسار من السوق الكبيرة، متوسطة سوق الحدادين وسوق هرج, وعمر هذه السوق أكثر من ثمانمئة عام، وقد ذكرهت الرحالة ابن بطوطة الذي سماها السوق الأعظم لكونها تضم مقام غيبة الإمام المهدي, وهي الآن في طريقها للانقراض لانتفاء الحاجة الى منتجاتها.
سوق الصياغ (الصاغة) هي ايضا من الأسواق الفرعية وتتألف من عدد كبير من المحال المتجاورة المختصة بصياغة وبيع الحلي والمصوغات والمخشلات الذهبية والفضية، اما سوق اللبن فتختص ببيع مشتقات الألبان كالقيمر والجبن واللبن والزبد، وكذلك التمور المكبوسة بالخصاف وقد تغيرت معالم هذه السوق وتحولت محلاتها لبيع سلع مختلفة .
أما سوق الخرازين (الخردة فروشية), وهي سوق تتفرع من السوق الكبيرة على جهة اليسار منتهية بشارع المكتبات, وتجد فيها محال الخياطين وباعة الألبسة الجاهزة للأطفال والملابس الداخلية وغيرها، ومن أسواق الحلة القديمة (سوق الكوازين) فقد تغير اسمها بعد تحول معظم محال بيع الفخار الى مهن اخرى, وتبدأ من نهاية سوق الهندي وتنتهي ببداية سوق اللبن، وسوق (الدهديوه) وسميت هكذا لكونها تنحدر من مكان مرتفع, ومن هذه السوق، هناك فروع تنفتح الى سوق التجار وسوق القصابين وسوق الخلال وسوق الدجاج وسوق أسطة جابر، وبدايتها كانت من ساحة الاحتفالات المجاورة للقشلة، كما تضم سوق الحلة الكبير مجموعة من القيصريات، مثل قيصرية او خان حاج جليل عوض, وقيصرية بيت الماشطة وعدد آخر لا مجال لذكرها هنا.
سوق الحدادين سوق ضيقة تمتد موازية للسوق الكبيرة على جهة اليسار وفيها تصنع وتباع الأدوات المستخدمة في الزراعة كالمناجل والمساحي والباذورات وعشرات الأدوات الأخرى، أما سوق (الجللجية) من الجلال, وهو ما يوضع على ظهر الدواب مثل الحمير والبغال ويختلف عن سروج الخيل, وقد انقرضت هذه السوق لانتفاء الحاجة الى منتجاتها، أما سوق (الحطابات) فتقع في نهاية السوق الكبيرة قرب حديقة الجبل، وكانت قديماً من اسمها يباع فيها الحطب والأشواك والعاقول، أما الآن فهي مخصصة لبيع السلع والأدوات المستعملة القديمة من جميع الأنواعن كما تفترش بعض النسوة هذه السوق لبيع الملابس المستعملة والخضار والفواكه، وهذه السوق معروفة بأسعارها الرخيصة نسبياً, كما أنَّ سوق الدهانة التي تقع قرب سوق الحطابات تختص ببيع الدهن والألبان والزبد والقيمر والأجبان وما زالت موجودة حتى الآن.
سوق الدجاج تبدأ من ساحة الاتصالات وتنتهي عند سوق أسطة جابر, وكانت قديماً مخصصة لبيع الدجاج والطيور ومنتجاتها, ولكنها الآن انتهت وتحولت محالها الى بيع سلع أخرى، وهناك أسواق صغيرة أخرى مثل سوق الرقاعين (الاسكافية) متفرعة من شارع المكتبات, وسوق البنات وسوق الخياطين وسوق العلاوي وسوق الطيور (المطيرجية) وسوق السلام وسوق المنتجب، التي هدمت بعد شق شارع الإمام علي, وسوق قهوة سيد غني التي أزيلت ايضا وسوق الأوقاف المجاورة لسوق هرج التي ما زالت قائمة حتى الآن، أما السوق العصرية في منطقة باب المشهد والتي أنشئت عام 1976 مجاورة لسجن الحلة، فقد كانت مزدهرة إلا أنها الآن أصبحت مهجورة تملؤها النفايات وتعود ملكيتها الى بلدية الحلة.
أسواق الجانب الصغير
في الجانب الصغير من المدينة هناك سوق واحدة طويلة تمتد من الشريعة (شط الحلة)، أي الجسر القديم حتى منطقة النزيزة, وتطلق عليها ايضا سوق العمار، وتحتوي السوق على محال كثيرة متنوعة لبيع العطارية و(سياف) مخازن الحبوب ومطاعم ومقاهٍ شعبية ومخابز وقصابين وغيرها، وتمثل امتداداً للسوق الكبيرة في الجانب الأيمن يقطعها شط الحلة، والسوق بالرغم من صغرها قياساً بسوق الحلة الكبيرة, إلا أنها تعج بالباعة وأصناف الحرف والمهن، كما تنتشر فيها باعة ومشترو الأغنام، وتقوم بعض النسوة الريفيات بجلب المنتجات من الدجاج والبيض والصوف والأجبان والتمور والخضر لبيعها في السوق.