وليد حسين.. الأعمال الشعرية الكاملة إلى 2017 (مساحة الشعر الواسعة)

ثقافة 2021/04/12
...

  ريسان الخزعلي
( 1 )
جاءت الأعمال الشعرية الكاملة للشاعر المبدع/ وليد حسين/  حاملة ً التوصيف (الأعمال الشعرية الكاملة إلى 2017)..، ومثل هذا التوصيف يحمل الإيحاء الضمني بأنَّ للشاعر أعمالاً أخرى بعد هذا التاريخ ، وقد استعاض بهذا التوصيف عن التوصيف الشائع: الجزء الأول..، لاحتمال ألا يكون الجزء الثاني في الطريق إلى النشر قريباً.
ضمّت الأعمال الشعرية المجموعات: ظلّي هناك، صدىً لزمن الغربة، أنا لا أرى قُبحي، أنثى من النارنج، صيرورة الماء، على مرمى حجر، وشم بالذاكرة، بلا عنوان. كما تضمّنت الأعمال تقديماً موجزاً للدكتورة (أمل سلمان حسّان ).
 
( 2 )
الأعمال الشعرية جاءت ب 720 صفحة من الحجم المتوسّط، وبذلك توافرت على مساحة شعرية واسعة لا يمكن أن تُحيطها قراءة أولى وثانية – حينما يتعلق الأمر بالموقف التقييمي-  نتيجة هذه السعة، لكن َّ قراءة استكشافية تستطيع أن تلمسَ بوضوح مديات اشتغال الشاعر من حيث: الشكل الشعري، البناء، التشكيل الصوّري، اللغة، الإيحاءات الرمزية، المباشرة الحادّة، المكاشفة الرومانسية، الدلالات الوطنية والتاريخية، الذاتي والموضوعي، الابتعاد عن الغنائية، التمّاس مع الواقع اليومي، وغيرها من الممكنات الفنية والجمالية. ومع أن لكل من هذه الاشتغالات ما يستحق تفصيلاً خاصاً به إلا أن ذلك يستوجب استغراقاً طويلاً لا يتناسب مع هذه الوقفة التعريفيّة الإنطباعية، كوننا أمام قراءة أعمال كاملة وليس مجموعة واحدة؛ غير أني سأُشير إلى الشكل 
الشعري.
 
( 3 )
يعتمد الشاعر أساساً في قصائده الشكل الأول للقصيدة، أي الشكل العمودي أو الأفقي (وهو التوصيف الأدق)..، وبذلك لا يدّعي ما هو خارج هذا الشكل في امتيازه الشعري حتى وإن كتب بالأشكال الأخرى بعض قصائده؛ كونه الشكل الألصق بتجربته وتكوينه الذوقي والتذوّقي كما أرى ، وكما يعكسه الكم من هذا الشكل في الأعمال الكاملة ، أي أنه ُ المتن الأساس الذي يُعوّل عليه. 
والشاعر حين يكتب بهذا الشكل الذي يحاول أن يرسمه ُبغير أفقيته، فهو يكتبه بتنوع موسيقاه العروضية الخليليّة، والنموذج الآتي من البسيط: (صيرورة ُ الماء/ سالتْ 
فوقَ عشبته/ فأنبتَ القمح/ فيهم كلَّ مختلف/ تسابقت.. وهيَ أشكالٌ مُدجّنة/ كأنها أسرجتْ/ أصقاعَ مغترف/ وكلّما.. مرَّ فوجٌ من طلائعها/ لم يحظ َ بالوصل/ نادتْ.. كيف لم تقفِ..).
إنَّ تغيير البيت الشعري من أفقيته إلى الشكل الذي جاء به، ما هو إلّا محاولة فنيّة/ إيهامية متماهية مع شكل قصيدة التفعيلة والشعر الحر، لجأ لها الشاعر كما يفعل غيره في محاولة خداع بصري بعد إن ملّت العين من ثبات الشكل الأفقي، وأصبح توزيع البيت على شطرات ووحدات متناثرة أكثر إضاءة، ولو أردنا إعادة النموذج السابق إلى الشكل الأول، لجاء هكذا: (صيرورة ُ الماءِ سالت فوقَ عشبتهِ.. فأنبتَ القمحُ فيهم كلَّ مختلفِ/ تسابقتْ وهيَ أشكالٌ مُدجّنة.. كأنها أسرجتْ أصقاعَ مغترف/ وكلّما مرَّ فوجٌ من طلائعها.. لم يحظَ بالوصلِ نادتْ كيفَ لم تقف).
إنَّ مثل هذا الإيهام الشكلي قد اعتمده الشاعر/ أدونيس/ في قصيدته المعروفة (هذا هو اسمي) التي كُتبت على بحري الخفيف والرمل، لكنّ ايهامه تجاوز فيه التقفية والروي، ما جعل البعض يظن بأن هذه القصيدة قصيدة نثر. 
ولا أجد أنَّ الشاعر وليد حسين قد تأثر بإيهام أدونيس، لكنها إشارة قد جاءت في سياق قولي عن الشكل في شعره، هذا الشكل الذي شغل المساحة الواسعة في أعماله الكاملة.