التكيّف مع سعر الصرف

اقتصادية 2021/04/12
...

محمد شريف أبو ميسم 
 
في السادس عشر من آذار الماضي، أوضح البنك المركزي العراقي عبر بيان له، سبب تراجع سعر صرف الدولار في السوق الموازية - خصوصا في شهر شباط - عن سعر البيع الرسمي بعد تغيير السعر من قبل البنك في نهاية شهر كانون الاول من عام 2020 ، وفسر المركزي هذا التراجع بما أسماه «صدمة السوق المحلية» التي احتاجت مدة تكيّف لعمل التسويات التي حدثت بين كل من تجار (الجملة،  التجزئة، المفرد) وتسويات تجار الجملة مع المصارف، حيث انخفضت على أثرها الاستيرادات الى مستويات شديدة، ومن ثمَّ انخفاض الطلب على العملة 
الأجنبية».
ولكن هذا التفسير القائم على آلية السوق، لم يأخذ بنظر الاعتبار تأثير الفضاء السياسي على هذه الآلية، حيث بقي التوجس لدى الكثير من الجمهور، بما فيهم عديد التجار والمضاربين يتصاعد تارة وينخفض تارة أخرى، بحسب التصريحات والوعود بشأن التأثير في قرار المركزي ونية التراجع عنه لصالح الشعارات، التي وظفت لكسب المواقف، من دون الأخذ بنظر الاعتبار طبيعة المتغير الذي يقتضي التمهيد لتدفق الاستثمارات الأجنبية والتأسيس لمناخ استثماري، تقوده الرساميل الحليفة لرساميل العولمة في المنطقة، ما يقتضي العمل على محاور عدة بهدف تحقيق هذا التوجه، ولم يرتفع سعر الصرف في السوق الموازية، الا بعد اقرار الموازنة، والتأكد من ان الجهات ذات العلاقة ماضية في سياستها دون رجعة، لخلق بيئة تنافسية تحمي المنتج المحلي من انخفاض أسعار السلع المنتجة في دول الجوار الجغرافي والتمهيد لاستقرار نقدي، يشجع الرساميل الأجنبية على الولوج الى الساحة العراقية في أجواء أمنية وقانونية ونقدية 
مستقرة.
ولكن التكيّف مع سعر الصرف لن يأخذ شكله الجاذب للاستثمار، الّا بتحرير سعر الصرف وخلق استقرار نقدي في أجواء من حرية التبادل والتداول لضمان حركة رأس المال من والى الداخل العراقي، من دون أي أثر يترتب على الفرق في قيمة سعر الصرف مع العملات 
الأخرى.
 ولضمان حسابات الاستثمار في دراسات الجدوى التي يضعها المستثمرون، اذ يحرص هؤلاء في دراسات الجدوى المالية على ضمان عدم تغيير السعر في السوق الموازية، خلال عمر المشروع لتحقيق الجدوى من اقامة المشروع، فضلا عن أهمية التنافسية لحماية المنتج المحلي، الأمر الذي يرجح اعتماد اسلوب «التعويم المدار» في الخطوة المقبلة بالتزامن مع ازدياد احياطيات المركزي، التي ستسهم في اعطاء مزيد من حرية المناورة الى القائمين على السياسة النقدية، وضمان التكيّف مع تقلبات السوق الموازية وصولا 
للاستقرار.