قانون الأحوال الشخصية.. خطوة متأخرة

اسرة ومجتمع 2019/02/10
...

ميادة سفر
 
بعد أكثر من نصف قرن من الزمن على صدور قانون الأحوال الشخصية السوري, وسنوات طويلة من حرب كان للمرأة فيها النصيب الأكبر من المعاناة, من فقدان وتشرد وفقر وحرمان, صوّت مجلس الشعب السوري بالأكثرية على مشروع تعديل عدد من مواد هذا القانون, فكان خطوة متأخرة في مشوار الألف ميل.
لطالما كان قانون الأحوال الشخصية مثار جدل ونقاش لسنوات طويلة, من قبل قانونيين ونشطاء في مجال حقوق وقضايا المرأة والطفولة, باعتباره من أكثر القوانين التي تمس الأسرة ،المكون الأهم في المجتمع, وأكثرها انحيازاً للرجل وتهميشاً وإقصاءً للمرأة, وتجاهلاً لدورها الهام والكبير الذي تضطلع به في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغيرها من مناحي الحياة, هذا الأمر لا ينطبق فقط على واقع المرأة السورية, بل ينسحب إلى أحوال المرأة العربية عموماً, تجدر  الإشارة هنا إلى أن تونس كانت من أوائل الدول العربية التي ناقشت قوانين الأحوال الشخصية وكان آخرها ما يتعلق بالميراث.
شملت التعديلات على قانون الأحوال الشخصية السوري 70 مادة, منها إمكان الزوجين تضمين عقد الزواج شروطاً خاصة شريطة عدم مخالفتها للشرع والقانون, ومنها ما يتعلق بالزواج الثاني والعصمة والسفر, ورفع سن الزواج والحضانة وغيرها من التعديلات الأخرى, التي أثارت ردود فعل متباينة في الشارع السوري, «إنّ تلك التعديلات وإن جاءت «كرهاً» بضغط من منظمات الأمم المتحدة لإلغاء التمييز ضد المرأة, وفقاً للنائب في مجلس الشعب السوري نبيل صالح», إلا أنها خطوة في سبيل الارتقاء بالقوانين, لترتقي بدورها بالإنسان كإنسان بغض النظر عن جنسه ولونه ودينه, وتخلع عنها عباءة الماضي.
مواد كثيرة أخرى في قانون الأحوال الشخصية تحتاج إلى تعديل إن لم نقل إلغاء, لأنها ما زالت تنتقص من قيمة المرأة ومكانتها «نصاب الشهادة مثالاً», والمواد المتعلقة بالميراث, وأخرى تكرس التمييز بين مكونات الشعب على أساس الدين, وغيرها كثير من أمور تقف عائقاً أمام المساواة في المجتمع ككل وليس فقط بين الرجل والمرأة, ولا يقتصر الأمر على قانون الأحوال الشخصية في مختلف الدول العربية, بل لعل قانون الجنسية الذي يمنع الأم من إعطاء جنسيتها لأولادها, كالسيف المسلط على رقاب الأمهات, والمواد المتعلقة بما يعرف «جرائم الشرف», كلها تحتاج لإعادة نظر, على أمل ألا يطول انتظارنا.