أن تقول رأيك

آراء 2021/04/14
...

  حارث رسمي الهيتي
 
إن كان لنا الحقُ في أن نعد فضائل للدستور العراقي بعد 2003، فشخصياً أعتقد أن الباب الثاني الخاص بالحقوق والحريات، هو الأهم في بيئة مثل العراق، الذي عاش عقوداً من انعدامها أو ربما تشويهها وتوظيفها لحساب أحد،من دون الآخر، وبالأخص المادة (38) منه التي نصت على ضمان حرية التعبير عن الرأي بجميع السبل والوسائل، كذلك حرية الصحافة والطباعة والاجتماع والتظاهر السلمي، قد يطرح بعضنا سؤالاً عن مدى التزام هذه الجهة او تلك بتطبيق ما ورد في الدستور، هذا العقد الاجتماعي الذي يصوّت كل مسؤولينا لحظة تأديتهم اليمين الدستورية على احترامه وعدم التنصل عن بنوده، لكنه كثيراً ما خُرِقَ ويُخرَق، ولكن المهم هنا في انه يتوفر على مادة صريحة وصحيحة تجيز لنا أن نصرح بما نعتقد، نعم تم تحديدها مسبقاً بعبارة "بما لا يخل بالنظام العام والآداب" الا أنه يوفر قدراً لا بأس به من حريةٍ كانت مفقودة، أقول لا بأس 
به.
غياب حرية التعبير من شأنه أن يوّلد رواية واحدة لكل شيء تقريباً، سردية يتبناها الحاكم مثلاً، وتصبح عبر المؤسسات التي تصلها ذراعه بلا شك الى حقيقة مطلقة من يخالفها يحكم على نفسه بأن يتلقى سيلاً من الأوصاف والتهم التي تؤدي الى أن "يروح جلده للدباغ" حسب المثل الشعبي. 
احتكار الروايات والسرديات يؤدي الى انشاء بيئة مغلقة، بيئة تكاد تكون اقرب الى بيئة القرى المعزولة، القرى التي يقول الشيخ فيها قولته وينتهي بعد رأيه كل شيء، العلم والقانون والدستور، حتى يصبح المواطن فيها حتى بعد أن يعيش في المدن والمجتمعات الكبرى مواطناً يقيس كل مجريات حياته بمقياس ما تمَّ تنشئته عليه، وهذا ما يسميه علي الوردي بالتنويم الاجتماعي. 
نحن هنا لا نناقش قضية الدفاع عن الرأي فقط، والدفاع عن درجة مصداقيته وواقعيته، بل نناقش حقنا في قوله اصلاً، حقنا في مناقشته وإخضاعه الى التجربة، وتغيره إن تبين عدم صحته.