محمد شريف أبو ميسم
على الرغم من لغة البيان الصادر عن اللجنة الخاصة بالحوار الستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة، التي تضمنت ما يوحي بحوار النظراء، الا ان مجمل النقاط الواردة تتعلق بالتزامات تخص العراق حصرا، فحين "يعتزم كلا البلدين العمل معا بشكل وثيق" بحسب البيان، يتيه القارئ بحثا عن معنى الوثيق، فيصدمه ما يردفه البيان من قول (حيث يلتزم العراق بتنفيذ إصلاحات اقتصادية من أجل تنويع اقتصاده وتحسين مناخ الأعمال..) طيب، وماذا يقابل هذا الالتزام من الطرف الأميركي؟ يقول البيان مباشرة (وفي هذا المضمار، أكد الوفد الأميركي مجددا أنه يمكن للشركات الأميركية المساعدة في هذا التنويع من خلال الاستثمار في المشاريع..)، وكلمة "يمكن" تفتح أبواب الاحتمالات كما يريده ذلك الطرف وبما يجعله في حل من أي التزام، وكثيرا ما التزم العراق بتنفيذ شروط الجهات الدائنة، التي تمثل نوافذ لاملاءات السياسة الأميركية بشأن ما يسمى ببرنامج الاصلاح الاقتصادي، ولكنه لم يجن سوى المزيد من الارباكات الاقتصادية التي ساهمت في ضياع فرص التنمية ومقدرات البلاد في مرحلة التكيف، ما يعني اننا ما زلنا في هذه المرحلة التي تلزم العراق بمزيد من الاجراءات، من دون أن يجني شيئا منها بالرغم من قساوتها ومرارة تبعاتها على البلاد والعباد. وزيادة على ذلك فان العراق سيفتح أبوابه على مصراعيها للوفود الأميركية عبر قرار تمديد الحدّ الأقصى لصلاحية التأشيرات للمسافرين الدبلوماسيين والوفود الحكومية إلى عامين، ولا يمتلك امكانية الزام الجانب الأميركي بالمثل في ظل صلاحيات الرئيس الأميركي شديدة الصرامة.
وهكذا يواصل البيان بلغة ايحائية حيث " أعرب المجتمعون، وناقش الطرفان، وأكد الجانبان" ثم تقرأ ما يلزم العراق بربط شبكة الكهرباء مع حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة دون التأكيد أو الاشارة الى زيادة انتاجه من الكهرباء وتطوير شبكته الوطنية، بينما اهتم البيان بالعمل معا لتعزيز الطاقة النظيفة ومكافحة تغير المناخ، لتكون الهوامش أولويات في ظل املاءات معنية بالمشروع الأميركي في المنطقة، بينما تجاهل البيان امكانية استثمار النفط في قطاعات البتروكيمياويات والصناعات التحويلية لزيادة فرص العمل وتعزيز امكانيات العراق الاقتصادية. وبشأن احترام سيادة العراق أكد البيان هذا الأمر من قبل الجانب الأميركي، ولكنه جدّد التأكيد على أن وجود القوات الأميركية في العراق بدعوة من الحكومة العراقية، لتدريب الجيش العراقي بعد الانتهاء من مقاتلة "داعش"، برغم قرار البرلمان العراقي في كانون الثاني 2020 باخراج القوات الأميركية من العراق، بينما أورد البيان عن الحكومة العراقية، التزامها بحماية أفراد التحالف الدولي وقوافله ومنشآته. ليكون وبامتياز بيانا لالتزام العراق وحسب بتوصيات الحوار.