قرارُ خفض قيمة العملة بين المعطيات والمشكلات

اقتصادية 2021/04/14
...

 بغداد: حسين ثغب 
نظم مركز شبكة الاعلام العراقي للدراسات والبحوث الستراتيجيَّة ندوة حواريَّة مفتوحة حملت شعار “الدينار والدولار وتحديات الاقتصاد”، واتسمت بالطرح الصريح بحضور خبراء الاقتصاد في القطاعين العام والخاص، احتدم نقاشهم بشأن خفض قيمة العملة واختلاف وجهات النظر خلال الندوة، التي ادارها رئيس المركز حليم سلمان بشأن توقيت إصدار القرار . 
نائب محافظ البنك المركزي إحسان الشمران قال: إنَّ “موضوع خفض قيمة العملة الوطنية فيه اختلافٌ كبيرٌ في وجهات النظر، وهذا الصراعُ بين قضيتين، الأولى مصلحة المواطن وانخفاض القدرة الشرائية للمواطن، بسبب قرار الخفض بنسبة ٢٢ بالمئة، اما القضية الثانية فتتمثل بمصلحة الاقتصاد الوطني الذي يتبناه المركزي ووزارة الماليَّة”. 
 
العمل والإنتاج
لفت الشمران الى أن «السوق العراقيَّة مغرقةٌ بالبضائع الاجنبيَّة، وجاء قرار الخفض تشجيعاً للمنتج الوطني، والاعتماد على الأدوات، ومنها قرارُ الخفض، الذي يشجّعُ القطاعين الزراعي اولا والصناعي ثانيا على العمل والإنتاج، وإن القرار جاء من منطلق تغليب المصلحة الوطنيَّة على المصلحة العامة»، مبينا أن «السوق المحليَّة تتأثر وتتوقف، ولكنَّها ستعود الى النهوض». 
 وأكد أن “صندوق النقد الدولي قدم النصح بأن يكون سعر الصرف 1600 دينار مقابل الدولار”.
 
هويَّة الاقتصاد
رئيس مجلس أمناء شبكة الاعلام العراقي جعفر الونان أشار الى أن «الاقتصاد العراقي يعاني من مشكلة عدم وجود هويَّة خاصة، وهذا يجعل رؤى سوق العمل ضبابية»، واصفاً «القفزات الكبيرة في سعر الصرف غير صحيحة، وإنَّ التغييرسوف يلغي وجود طبقة وسطى في المجتمع، ويكون أما فقيرا او غنيا، وإن الاقتصاد لا بدَّ من أنْ يوظفَ لخدمة البلد والمواطن، والقادمُ يتطلبُ أن نعلمَ كيف نخلقُ هويَّةً للاقتصاد؟».
وبين أهمية أن «يمنح الاقتصاديون فرصة المشاركة في صناعة القرار الاقتصادي، الذي يفعل الاستثمار والانتاج الصناعي والزراعي، وان يرعى الحفاظ على اقتصاد الأسرة محدود الدخل».
 
خزينة الدولة
المستشار الاقتصادي حازم هادي الساعدي قال: ان «القرار الاقتصادي الذي له تاثير في حياة المجتمع، لا بدَّ من أن يدرس جيدا من جميع الجهات»، مبينا أن «قرار خفض العملة جاء بنتائج إيجابية كبيرة، حيث أسهم في رفع احتياطات البنك المركزي العراقي، وحقق زيادة الى خزينة الدولة بمقدار 10 ترليونات، وسوف يسهم بتوفير السيولة النقدية الى وزارة المالية». 
وبين الساعدي انه “من الناحية الاقتصادية سوف يسهم بشكل كبير في تنشيط القطاع الخاص ويقلل من معدلات الفقر”. 
 
ردة فعل
مستشار معهد الاصلاح الاقتصادي د. حسين الخاقاني بين أن «القرار لم يكن خاطئا ويهدف الى تحقيق حالة افضل، ورغم ذلك برزت أصوات تطالب بعودة السعر القديم، ولكن كان من الاجدر أن تخفض قيمة العملة بشكل تدريجي»، مشيرا الى ان «التخفيض بنسبة 22 بالمئة سبب ردة فعل داخل السوق المحلية قادت الى ركود بسبب ارتفاع الاسعار، لاسيما انه سوف يساعد على حماية المنتج الوطني ويعزز القاعدة الصناعية». 
 
هشاشة الاقتصاد
الاستشاري الصناعي عامر الجواهري بيّن أنه من «الأجدر أن تعمل المؤسسات المعنيَّة على مناقشة هكذا قرار مع القطاع الخاص والخبراء والمعنيين في الشأن الاقتصادي، وهذا يتطلب أن يكون في جميع القرارات الاقتصادية، وان تداعيات القرار الاقتصادي كشفت عن هشاشة الوضع الاقتصادي في البلاد»، داعيا الى «العمل على ايجاد مبادرات اقتصادية فاعلة صناعية زراعية سياحية، تعمل بشكل حقيقي على تفعيل الاقتصاد الوطني». 
 
القيمة الحقيقيَّة
الخبير الصناعي عبد الحسين الشمري قال إن «قرار خفض قيمة الدينار عكس القيمة الحقيقية للعملة الوطنية، وبعد هذا الاجراء علينا ان نتجه الى دعم المواطن، خصوصا في موضوع البطاقة التموينية، ويفضل أن تصرف الى المواطن مبالغ مالية، ليتوجه الى السوق المحلية وشراء ما يحتاجه، وهذا يبعد البطاقة عن جميع اشكال الفساد».
ولفت الى ان القرار أسهم في التشجيع على بدء تنفيذ مشاريع صناعية في مختلف مناطق البلاد، وهنا لا بد الافادة من التجارب العالمية من خلال منح الدولار الصناعي والزراعي وأن يباع باسعار مدعومة لهذه الشريحة، لتشجيع انشاء المشاريع الانتاجية في القطاعين الصناعي والزراعي، وأن يتزامن ذلك مع انشاء مناطق صناعية ستراتيجية تدعم توجهات الانتاج». 
 
المنتج الوطني
الاقتصادي عبد الرحمن االشيخلي وصف القرار بالصحيح، ولكن البلاد لا تملك قاعدة اقتصادية متكاملة تتناغم مع هكذا قرار وتنهض بالانتاج، وتحمي المنتج الوطني من أي منافسة خارجية، ويمكن أن نقول أكاديميا إنَّ القرار صحيح ولكن واقعيا غير صحيح». 
ولفت الى ان “مزاد العملة عاد بقوة ولامس خلال اليومين الاخيرين حاجز الـ 190 مليون دولار مبيعات، وقد يصل الى 300 مليون خلال الفترة المقبلة”. 
 
تاثيرات سلبيَّة
مستشار في مكتب رئيس الوزراء نوري العنزي قال «تساءل ماذا حقق قرار خفض قيمة العملة الى المواطن؟ بالرغم من أن التخفيض مطلوب منذ سنوات على ان يكون مشروطا بتأمين الأمن الغذائي والدوائي، ولا يكون هناك تعقيد في مسألة تأمين الغذاء والدواء، بالرغم من أن تخصيصهم ليس بالكبير ومؤمنا، حيث يخصص للبطاقة التموينة 6 مليارات دولار والدواء 2 مليار دولار سنويا، وهنا يجب أن يكون العمل باتجاه تأمين الغذاء والدواء، ومن ثم التوجه صوب قرار الخفض، الذي لا يجب أن يترك تاثيرات سلبية في حياة المواطن». 
 
التجربة الصينيَّة
رئيس رابطة تجار العراق صباح البغدادي بيَّن أن «قرار التخفيض صحيح ولكن يجب الافادة من التجارب العالمية التي سبقتنا في هذا المجال، ومنها التجربة الصينية التي خفضت قيمة عملتها وسط علم المجتمع ونبهت الى ذلك، وطرحت الى الاسواق تدفقات مالية، لمنع اي تحديات تواجه السوق المحلية»، مبينا ان «قرار التخفيض لدينا جاء باسلوب الصدمة الذي خلَّف تداعيات واضحة على السوق المحلية، وان السوق تعاني من ركود والبيع يكون من دون ارباح»، مناشدا البنك المركزي العراقي أن يتبنى خطة لتحريك السوق المحلية».
  
العلاجات الناجعة
المختص بالشأن الاقتصادي بشير الساعدي قال: إنَّ «الاقتصاد يمكن وصفه بالمريض الذي يحتاج الى التشخيص والتحليل ومن ثم يوصف العلاج، ونحتاج الى وقت اطول لوصف العلاجات الناجعة، التي يمكن أن تغير شكل الاقتصاد الوطني وتنقله الى مرحلة افضل»، لافتا الى أن «مشاريع عدة في العراق ومنها الستراتيجية يمكنها أن تنهض بالاقتصاد الوطني، وإن تحجيم الاغراق السلعي ضرورة حتمية». 
 
زيادة الأسعار
الاكاديمية د. رباب  اكدت أن «قرار خفض قيمة العملة صحيح، ولكن ما الفائدة منه حين يقترن باعفاءات جمركية لبعض الدول، كما إن القرار قاد الى زيادة الاسعار أكثر من نسب التخفيض، بل توجد سلع ارتفع سعرها الى الضعف». 
الاكاديمي الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني  قال: “أنا اقف بالضد من القرار جملة وتفصيلا، كون السيطرة على الحدود لم تكتمل، كما لا نملك قاعدة بيانات بواقع الاقتصاد العراقي بمجمله”.