الأزمة الاقتصاديَّة وسيطرة المحتكرين والمضاربين

ريبورتاج 2021/04/15
...

   سها الشيخلي 
 
تعاني الطبقات الفقيرة والمتوسطة من ارتفاع الاسعار، الذي له اسباب كثيرة، لكن الحلول تبدو قليلة لاسباب عدة، اهمها سيطرة المحتكرين والمضاربين على السوق بعد انخفاض قيمة الدينار ولمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، لذا يجب أن تتم معالجة هذا الارتفاع بكل السبل. 
 
تحدث لـ «الصباح» مدير مركز بحوث السوق وحماية المستهلك الدكتور يحيى البياتي عن ارتفاع الاسعار فقال: «ان ارتفاع الاسعار سببه زيادة  قيمة صرف الدولار، اذ كان السعر القديم 120 الف دينار للمئة دولار، ووصل الان  الى145 الفا يعني بزيادة  17 %، فكل المواد في الاسواق المحلية مستوردة بالدولار، فالتاجر المستورد لن يبيع بالطبع بنسبة 17 % بل سيجعلها 20 % خوفا من مضاربات السوق، ولكي لا يخسر، ونتحدث عن التاجر الصغير، والمشكلة ان هذه الاضافات سوف تزداد والمستهلك سيتضرر اولا بزيادة سعر صرف الدولار وثانيا بزيادة سعر البيع ، فالزيادة هي 17 % ولكن عند بيع السلع ستكون 23 % اي ربع القيمة، فاذا كان سعر المادة الف دينار فسيصبح الفا و250 دينارا في الاقل، والسبب هو عدم وجود تسعيرة ثابتة، كون السلعة مستوردة، اما عن المواد المحلية، فالصناعة الوطنية لم تبلغ مستوى الاكتفاء الذاتي مع العلم ان اغلب المواد الاولية فيها مستوردة».
 
السبب المستهلك
ولفت الى أن «الحل  يكمن  بارجاع سعر صرف الدولار الى 120 الف دينار للمئة دولار، لكي يكون هذا المبلغ مساندا لعدم ارتفاع الاسعار مستقبلا، وبارتفاع الاسعار ينخفض مستوى معيشة المواطن وهي معادلة عكسية، فكلما زادت الاسعار قل مستوى المعيشة، وعند استطلاعنا للاسواق حاليا نرى ارتفاع الاسعار فيها بصورة غير طبيعية مع العلم انه في كل عام نرى ارتفاع الاسعار عند حلول شهري رمضان ومحرم مع ان سعر الصرف كان على حاله والسبب هو المستهلك كونه يبدأ بتخزين المواد الغذائية مع ان اسواقنا مستقرة ويحتاج المستهلك الى التثقيف فلماذا يخزن المواد مع وجودها في السوق؟ وقد عقدنا ندوات عدة بهذا الصدد، والحل أن تكون لنا منافذ حكومية للبيع  وباسعار معقولة لنضع حدا لجشع المستهلك بتخزين المواد الغذائية، ومنافذ البيع الحكومية تكون قليلة الكلفة واسعارها في متناول المستهلك الفقير والمتوسط الدخل، وان المواطن يعاني من البطالة التي يصاحبها الارتفاع في الاسعار، لذلك يعاني المواطن كثيرا، والحلول ان تدعم الدولة الشرائح الفقيرة، ونحتاج من وزارة التجارة تكثيف جهودها لزيادة مفردات الحصة التموينية وصرفها باوقاتها ومن دون تأخير وتسعير المواد الغذائية المحلية والمستوردة في كل المناطق بالسعر نفسه، ومن دون مضاربة و يجب أن تراقب هذه الاسعار». 
 
رقابة التجارة
تحدث لـ «الصباح» الناطق الرسمي لوزارة التجارة والمدير العام للرقابة المالية محمد حنون فقال: «بسبب ازمة كورونا والتحدي الاقتصادي ودخول دائرة الرقابة التجارية والمالية التابعة لوزارة التجارة في موضوع ثقافة الاسواق ومتابعتها والحد من ارتفاع الاسعار، تم اكتشاف شيء مهم جدا وهو انه لا توجد في الدولة اليوم جهة قطاعية تتابع عملية تسعير المواد الغذائية وبالتالي فالموضوع مهم جدا، اذ لابد ان تكون هناك جهة يحددها القانون وان تكون اما وزارة التخطيط او دائرة الجريمة المنظمة التابعة لوزارة الداخلية، ونحن بحاجة الى تشكيل حكومي يحدد الاسعار ويعرف نسبة الارتفاع ونسبة الانخفاض والسوق الان تفتقر الى آلية تعيين الاسعار، بل حتى الاجهزة الرقابية عندما تذهب للسوق تواجه مشكلة عدم وجود تسعيرة محددة، فالتاجر هو من يحدد الاسعار ويضعها من دون رقيب، وتسعى الوزارة الى أن تكون احدى الجهات القطاعية المسؤولة عن التسعيرة، وبالتالي نحن امام مسؤولية كبيرة في أن نحدد من هي الجهة، او تكون دائرة الرقابة التجارية هي المسؤولة عن تحديد الاسعار، والازمة الاقتصادية وضعتنا امام اهمية وجود قطاع حكومي يتابع الاسعار». 
 
البطاقة التموينية
واكد حنون أن الرز العنبر الذي وزع في الحصة مؤخرا  جيد، وكل من يشكو من عدم صلاحيته عليه أن يراجع الرقابة الاقتصادية والرقابة الشعبية على الانترنت وموقع الوزير وموقع الناطق الرسمي والاعلام وكل هذه القطاعات معنية بالمتابعة والتدقيق، وفي رمضان سنجهز اربع مواد اساسية هي (السكر، الزيت، الطحين، الرز مع الطحين الصفر) ووصلنا الان لنسب متقدمة في التجهيز، وقريبا ينتهي ملف تجهيز حصة رمضان بالكامل، وكانت سابقا تخصيصات الوزارة من الموازنة هي (793)  مليار دينار ولا تكفي الا لوجبتين فقط للعام هذا، لكننا سنوزع اربع وجبات خلال العام ونؤكد كلما تأتينا الاموال نوزع مفردات البطاقة التموينية». 
 
الارتفاع المفاجئ
تحدث لـ «الصباح» الخبير الاقتصادي باسم جميل انطوان عن ارتفاع الاسعار فقال: «هذا الارتفاع المفاجئ للدولار وانخفاض قيمة الدينار العراقي وبالنسبة التي تتجاوز امكانيات الطبقات الفقيرة وهي 5 و23 % ، اثر في السوق، وفي كل الطبقات الفقيرة والمتوسطة حتى انه اضعف القوة الشرائية لهذه الطبقات وللاسف استغلت بعض الطبقات الطفيلية هذه الزيادة، فزادت عليها بنسبة ربما 50 % تحت حجة ارتفاع الدولار وانخفاض الدينار، ما احدث شللا اقتصاديا في السوق، ولكن الطبقات غير المضمونة والتي لا تتسلم راتبا وهم  يعملون في القطاع الخاص  ويبلغ تعدادهم (8 ملايين) نسمة او اكثر، هي التي تعاني ويجب عند تخفيض العملة ان يكون لدينا قطاع انتاجي كبير واسع محلي يستطيع ان يسد الثغرات وحاجات السوق ويصدر البضاعة، لكي تتم منافسة السلع والمنتجات الاجنبية الخارجية، ولكن لا توجد لدينا الان سلع وبضائع للتصدير بنسبة 81 - 85 % من القائمة الاستهلاكية، اذ ان الادوية والسلع الاخرى مستوردة من الخارج، ما اثر بشكل كبير في الاسعار، وكل السلع كما نعلم هي مستوردة بالدولار، ومن الجانب الثاني بقدر ما هو سلبي على الطبقات الفقيرة فقد وفر السيولة النقدية للحكومة اي ان الحكومة استطاعت أن تحول مجموعة من الدولارات بزيادة 5 و23 %  عن ما كانت تحولها سابقا، وحدد البنك المركزي قيمة  الدولار بـ 1450 دينارا بالتعاون مع الحكومة رغم ان البنك المركزي مستقل في تحديد سعر العملة وهو مسؤول عن السياسة النقدية، وهذا ادى الى شلل في السوق الاقتصادية، فحدث تضخم في النقد وانكماش اقتصادي في السوق واستطاعت الطفيليات استغلال هذه العملية، فرفعت اسعار بعض السلع والبضائع اكثر من قيمتها  بنسبة 100 % وصار احتكار واستغلال للحاجات الاساسية مثل الزيت والسكر بل وحتى الادوية وهذا قد اثر في الطبقات الفقيرة، وكان رأي الخبراء أن يكون تخفيض قيمة الدينار بنسبة 10 % فقط وامامنا مرحلة التعافي من كورونا، ما سيعمل على خلق طلب كبير على النفط  وعند ارتفاع النفط سوف تزداد ايراداتنا وينتعش الاقتصاد، وفعلا النفط ارتفع الى اكثر من60 دولارا واستطاع أن يوفر مبالغ نقدية كبيرة وهي اكثر من 35 ترليون دينار، واذا استمرت ادارة الملف الاقتصادي بعيدا عن الفساد المستشري ستتحقق طفرة اقتصادية كبيرة في مجال الاستثمار تستوعب اعدادا كبيرة من العاطلين وتقل البطالة ونسب الفقر وفق برنامج الخطة الخمسية 2018 - 2022».
 
حلول
وبين انطوان «بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك وللتخفيف عن كاهل الطبقات الفقيرة فعلى  الحكومة أن توفر اما سلات غذائية للفقراء او تطرح سلع وبضائع وزارة التجارة باسعار مدعومة او أن تنعش الاسواق المركزية وتطرح سلعا لتنافس وتؤدب التجار الفاسدين او تعيد فتح الجمعيات التعاونية المدعومة للطبقات الفقيرة والموظفين من الدرجات الدنيا». 
 
الثروة الحيوانيَّة
تحدث لـ«الصباح» الناطق الرسمي لوزارة الزراعة الدكتور حميد النايف بشأن تأثير ارتفاع الاسعار في المنتج الزراعي فقال: «ان تأثير الارتفاع  شمل ايضا قطاع الدواجن، اما الخضراوات والفواكه فاسعارها بالدينار العراقي وفي الحقيقة هناك ايادٍ ومحتكرون ومضاربون في الاسواق وهؤلاء يحاولون زيادة الاسعار ونحن كوزارة جابهنا هذا الامر وتم تشكيل لجنة في الوزارة لمتابعة الاسعار، اما الطماطم فهناك فجوة لمدة 15 يوما وهي فترة انتهاء الموسم، واستوردنا الطماطم لتخفيض الاسعار، كون موسمها قد انتهى، ومنذ سنتين لم نفتح باب الاستيراد للطماطم، ولكن هذه حالة استثنائية، ونحن كوزارة حاولنا زيادة المحاصيل الزراعية ولكن وجود التهريب يجعل الفلاح يعزف عن الزراعة، وعملت الوزارة على تشكيل لجنة لتحديد اسعار الدواجن لكي لا نستوردها ونحمي هذا القطاع بما يرضي كلا من المستهلك والمنتج، ولنوفر الدجاج للمواطن في شهر رمضان وباسعار ميسرة، ولدينا معالجات لتخفيض الاسعار وتتابع اللجنة عملها وتضع آلية للتسعيرة، اما المحاصيل الزراعية فاللجنة تدخل السوق وهي التي تضع الاسعار بالاتفاق مع الاجهزة الامنية».