حول التفاؤل

آراء 2021/04/15
...

  علي المرهج
يعد التفاؤل قيمة إيجابية يرنو بها الشخص للنظر إلى نصف الكأس الملآن، وهو قد يحمل في مضمره نزوعاً لتغييب العقل بمخاطر الوعي بنصف الكأس الفارغ، فهو ـ برأيي ـ له وجهان، وجه إيجابي، يمنحنا الأمل بتعبير (أرنست بلوخ) الذي ينظر للواقع بكل ما فيه من ألم، لكنه في بعض ما فيه قد نجد ما يمنحنا الأمل، وآخر سلبي لأنه قد يعمي أعيننا عن مخاطر كبيرة آثرنا التغاضي عنها لفرط ما فينا من نزوع للتفاؤل.
 
أعتقد أن في توقع الأقسى يجعلنا قادرين على تحمل غير المتوقع من آلام، لا سيما في الحياة
العراقية.
لا أنفي أهمية التفاؤل في الاقبال على الحياة، ولكنني أرفض أن يكون التفاؤل عندي بمثابة صناعة الوهم لي ولغيري.
لا أعرف لماذا أتصور أن النظر للتفاؤل برؤية مليئة بالأمل، أو النظر للتشاؤم برؤية مليئة بالقهر والمأساة، يجعلانني أنظر لهما وكأنهما صراع بين من يتخذ الملهاة طريقة حياة، وآخر يتخذ المأساة طريقة أفضل لفهم الواقع على حقيقته.
طبيب يُصارح مريضه بخطورة المرض الذي فيه، وآخر يلف ويدور كي لا يصدم المريض بحقيقة مرضه!.
كلاهما منهجان في النظر للحياة على قاعدة النظر لنصف الكأس، ولا أجزم بصحة هذا وكذب ذاك، لكنني أميل للنظر للكأس كما هو بنصفيه الملآن
والفارغ.
أدرب نفسي دوماً على النظر للكأس (حياتي) بكل ما فيها من نزوع للأمل، مع ارتقاب للألم الذي أظنه يُعيد عندي انتاج الأمل على قاعدة كل ألم بعده لذة، ووجود الشر أمر طبيعي في الحياة البشرية على قاعدة مستقاة من فلسفة ابن رشد “الشر الأقل من أجل الخير
 الأعم”.
الأهم في “التفاؤل” أن تعرف قيمة “االتشاؤم”، فهو من يمنحك القدرة على اعادة ترتيب أمورك، لتكون أكثر قدرة على التهيؤ لقبول أشد التحديات ايلاماً، فالتشاؤم عندي وعي مسبق بمقدار الشر الذي قد يواجهك به الآخرون، فهو بحد ذاته مفيد لمن يمتلك وعياً بمتغيرات الأحداث الحياتية لتكون
 أحياناً هذه الأحداث شراً لا بُدّ منه، وحينما يقع عليك الشر لا تقف متفائلاً تنظر لنصف الكأس الملآن، بل عليك التصدي لواقع تعيشه قد يكون الشر قدرك، وقد يكون نصف الكأس الفارغ هو هذا القدر، لذا ينبغي علينا أن تعلم أن الشر جزء أساس وأصل في وجودنا ووجود العالم من
 حولنا.
 
أظن أن التشاؤم مرتبط بالخطأ، وقيل من لا يُخطأ لا يتعلم، وإذا كان ذلك كذلك، فالأمر بين التفاؤل والتشاؤم يكاد يكون حالنا معه يشبه حالنا في التمييز بين (الخيط الأبيض من الخيط الأسود)، ولكم أن تندبوا حظكم أو تفرحوا، فالأمر سيان “حتى يتبيّن لكم الخيط الأبيض من الخيط
 الأسود”.