الحوار الوطني وفضاء التعدد

آراء 2021/04/15
...

  شمخي جبر
 
من أجل التهيئة لأجواء مناسبة للانتخابات وتوفير بيئة آمنة لها، طرح رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي مبادرة الحوار الوطني الذي يضم القوى السياسية والشبابية والمحتجين، لتهيئة الأجواء لانجاح الانتخابات المبكرة (إننا ندعو جميع المختلفين، من قوى سياسية وفعاليات شعبية وشبابية احتجاجية، ومعارضي الحكومة، إلى طاولة الحوار المسؤول أمام شعبنا وأمام التاريخ، وندعو قوانا وأحزابنا السياسية إلى تغليب مصلحة الوطن والابتعاد عن لغة الخطاب المتشنج والتسقيط السياسي، وإلى التهيئة لإنجاح الانتخابات المبكرة، ومنح شعبنا فرصة الأمل والثقة بالدولة وبالنظام الديمقراطي).
ولكن هذه المبادرة تواجهها تحديات عدة، اذ ان عملية الحوار بحاجة الى ارادة سياسية تسعى نحوه بعيدا عن القطيعة او الاحتراب والثأر والانتقام. فالحوار يتم بين المختلفين، المتفقون ليسوا بحاجة للحوار، اذ لامشكلة بينهم يسعون لحلها.
وقد اكد رئيس الجمهورية برهم صالح أهمية الحوار لمواجهة ما سمّاه الاستعصاء السياسي (منظومة الحكم الحالية لا تفي بمتطلبات العراقيين وفيها خلل بنيوي، وهناك حاجة لحوار وطني يبحث مكامن الخلل في السياسية الداخلية، والعلاقات مع الجوار، اذن هناك مشكلة ليست هذه فقط، بل هناك مشكلات كثيرة، بل ينظر البعض الى المشهد السياسي على انه يعاني استعصاء ومعرقلات كثيرة واوضاعا شائكة لا بد من تجاوزها). 
لا يمكن ان يبدأ الحوار من دون الاعتراف بالتعدد، فالتعدد والتنوع احد سنن الكون. يقول المفكر الايراني عبد الكريم سروش (اول واضع لبذور التعددية في العالم هو الله). الحوار الهادف الهادئ لا بد ان يكون منتجا ومقنعا عكسه المتشنج الذي لا تكون له اية مخرجات سوى القطيعة.
كلا الحوارين يعبران عن شخصية المحاور واناقته الثقافية والشخصية او رثاثة افكاره وأسماله الثقافية. خطاب التعالي الذي يؤدي الى القطيعة مع المتلقي لاينتج فكرا سليما واضاءة في الوعي وهو نتاج عوق معرفي وعقلي وفكري.
ولأننا ابناء اللحظة العراقية بكل تناقضاتها واشتباكاتها، وتنوعها، علينا ان نتفق أن أيَّا منا حين يطرح رأيا معينا فهذا الرأي ليس فتوى او نصاً دينياً {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه}، بل هو مجرد رأي قابل للرد والمناقشة والتعديل. فالديمقراطيون يحترمون جميع الاراء، حتى تلك التي تتقاطع مع آرائهم، ويسعون لتحقيق اهدافهم وتحديد اولوياتهم بالحوار وتبادل الاراء.
 الحوار الوطني الجاد بحاجة لارادة سياسية وطنية تترفع عن الضغائن والاحقاد من اجل إرساء مشروع حقيقي لاصلاح وترميم الاوضاع السياسية.