محمد بنيس وذاكرة المقاومات

ثقافة 2021/04/17
...

  البصرة: صفاء ذياب
 
بعد أن نشر أكثر من أربعين كتاباً، منها ستة عشر ديواناً، وعنايته بالحوار والانفتاح، فضلاً عن ترجمته لعدّة أعمال من اللغة الفرنسية،صدر للشاعر والمترجم المغربي محمد بنيس مؤخراً عن المركز الثقافي للكتاب (الدار البيضاء- بيروت) كتاب جديد بعنوان "فلسطـين: ذاكرة المقاومات". وهو مؤلف موسوعي، يتكوّن من 420 صفحة من القطع الكبير، يجمع بطريقة إبداعية، كتابات وأقوالاً ومواقف تمثل ذاكرة مقاومات ثقافية للحركة الصهيونية، ومراحل احتلالها فلسطين، وما عاشه الشعب الفلسطيني من كفاح متواصل، متمسكاً بحقه في الحرية والاستقلال. ويأتي هذا الكتاب بلغة المقاومات، في وقت أصبحت فيه فلسطين معزولة أكثر مما كانت، بعد أن بقي الشعب الفلسطيني مصراً على البقاء على قيد الحياة، وعلى بقاء اسم فلسطين حاضراً.
يتميز الكتاب بمقدمة موسّعة عن تاريخ القضية الفلسطينية والأسس الفكرية للحركة الصهيونية، منذ كتاب موشي هس "روما والقدس" سنة 1862، وبعده كتاب ليون بينسكر "الانعتاق الذاتي: تحذير يهودي روسي إلى إخوانه" سنة 1882، وأخيراً كتاب ثيودور هرتزل "دولة اليهود" سنة 1896، و"المذكرات" (1895 - 1904). ينقسم الكتاب إلى أبواب، هي: إشراق ذاكرة، عبر المآسي، إبداع رؤية، من هنا غزة، سيد الضوء: محمود درويش، أزمنة القدس، ثم ذاكرة في مكانها.
وعبر أبواب الكتاب، تتوزع نصوص كتبها محمد بنيس بين امتداد أكثر من أربعين سنة، وهي تتقاطع مع كتابات وأقوال نخبة من المبدعين والمفكرين والمؤرخين والعلماء والمثقفين، فلسطينيين، مغاربة، مشارقة، أوروبيـين، إسرائيليين، أفارقة وأميركيين: محمود درويش، إدوارد سعيد، سيغموند فرويد، عبد الله العروي، ابن حوقل، مكسيم رودنسون، عبد الكبير الخطيبي، أبو سلمى، جاك دريدا، روحي الخالدي، فدوى طوقان، هشام شرابي، لويس ماسينيون، قسطنطين زريق، خليل السكاكيني، إلياس خوري، وليد الخالدي، إلياس صنبر، إيلان بّابّي، أبو بكر بن العربي، جيل دولوز، غسان كنفاني، سحر خليفة، جان جوني، إميل حبيبي، جيمس بالدوين، جلال الدين الرومي، يوري إيسنزفيع، المقدسي، أنجيلا ديفيز، عبد المنعم الجلياني، مريد البرغوثي، إدمون عمران المليح، أشيل مبيمبي، ستيفان هيسل، سلمى الخضراء الجيوسي، نعوم شومسكي، برنار نويل، معين بسيسو، كامل العسلي، ناصر خسرو، شلومو صاند، عبد الغني النابلسي، ابن خلدون.
نصوص الكتاب تتوحد في الشهادة على مقاومات ثقافية، وترد بشكل غير مباشر على الرؤية الصهيونية- الإسرائيلية ـ الغربية (ولاسيّما الأميركية) لإقامة دولة إسرائيل أولاً، ثم إبعاد الشعب الفلسطيني عن أرضه ثانياً، واحتلال الأراضي الفلسطينية ثالثاً، وحصار غزة رابعاً، ونقل السفارة الأميركية إلى القدس والاعتراف بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل خامساً. ونحن الآن في لحظة التخلي النهائي عن الحقوق الفلسطينية.
وتأخذ الذاكرة في الكتابة عن فلسطين وضعية المنبّه على تعدّد في الوقائع والأفعال، وعلى تعدد في الرؤية والمقاربات. لذلك فهي ذاكرة مقاومات ثقافية لتعميق معرفتنا بالقضية الفلسطينية ولتوصيل الأساسي مما نعرف عن هذه المقاومات إلى القادمين، إذ من دون توصيله ستبقى الشهادة على زمن القضية الفلسطينية ناقصة.