حياتنا في رمضان

ثقافة 2021/04/17
...

حميد المختار 
 
 
ها هو الشهر الفضيل يعود علينا من جديد ويقلب حياتنا رأساً على عقب، لكنه انقلاب روحي محض يتطلب أن نعد له العدة جيداً في ترتيب شؤوننا وعاداتنا التي قضينا حياتنا نسير على منوالها...
ففي رمضان كما هو معروف تتغير أوقات النوم،الأكل، أوقات القراءة والكتابة والخروج من البيت، لا نوم إلا بعد السحور ولا استيقاظ إلا قبل الفطور وما بينهما وقت متشظٍّ مقتطع من يوم طويل مضطرب لا تعرف له ملامح...
لكنك مع مرور الأيام تستقر وتحدد الأوقات وتمارس الطقوس الروحية الجديدة، ثم ستشعر باللذة والمتعة وأنت تصوم وتقلع عن عاداتك اليومية في المأكل والمشرب، ثم تنام في أوقات هي ليست أوقاتك المخصصة للنوم...
أما في ما يخص القراءة والكتابة فثمة رحلات مكوكية تواصلها طيلة أيام هذا الشهر الفضيل بين سريرك وبين أركان المكتبة ورفوفها وكتبها التي انتظرتك طويلاً، ستكون عليك العودة إلى رفوف المكتبة لترتبها من جديد وفق رؤية جديدة لنظام جديد وجدول للقراءة ...
أسوق هذا الكلام وأنا أتناسى عمداً الوباء المحيط بنا والذي يسرق أحبابنا كل يوم بهدوء عجيب وصمت مريب، وأعيش بين أخبار اللقاح المنقذ الذي دخل البلاد وبين الأخبار المرعبة التي تحذر من تناوله والمحذرون هم أيضا أطباء مختصون في هذا الشأن، ثمة الكثير من الأصدقاء، تناولوه وآخرون مازالوا مرتابين ومتشككين بسبب الأخبار المتضاربة وبالتأكيد أنا أحدهم...
لهذا أغلقت هذا الملف مؤقتاً متفرغاً لطقوس صيام هذا الشهر المبارك ومتذكراً عزلة رمضان السنة الماضية إذ كنا نعيش الرعب والخوف من الاصابة بهذا الوباء...
اليوم تغيرت الأمور قليلاً بعد ما عرفنا الكثير عنه وعن اللقاح المقبل لمحاربته وهزيمته وأخباره المتضاربة والمتناقضة...
أعود فأقول دعونا من الوباء واللقاح ولنمكث في البيت مع الأسرة نمارس طقوسنا الدافئة التي نعيشها هذه الأيام، متنعمين بنظام حياة جديدة يمنحه لنا الصوم والنوم بالعزلة والتأمل والعبادة والقراءة والكتابة ومخاطبة الأصدقاء عبر منصات التواصل الاجتماعي...
الكل يفعل ما أفعل ويعيش تفاصيل حياتي في العزلة والصوم والنوم ومواقيت الأكل الجديدة ، رمضان يتطلب أن تعيش فيه وتمارس طقوسه بكامل ماضي ذكرياته وتراث عاداته التي تعودنا عليها منذ نعومة أظفارنا، طعم الفيلم العربي القديم بالأسود والأبيض وروايات نجيب محفوظ سواء في الدراما التلفزيونية أو الروايات المقروءة، وأغاني رمضان القديمة وأهازيجها وعادات أهلنا أيام زمان وهم يستقبلون هذا الشهر وحين يودعونه... بالنسبة لي فقد هيأت الروايات العربية التي سأقرأها خصوصا المصرية، لكن الدراما التلفازية تأخذ الكثير من الوقت ولا طاقة لي على متابعتها وهي عادة قديمة، ولا أحب متابعة الأعمال الدرامية لا في رمضان ولا في غيره من الأيام والشهور..
أوقات الكتابة هي الأخرى ينبغي أن تحدد ووقت السحور هو الوقت المثالي للكتابة بعد قراءة القرآن...
شهر فضيل ومبارك نعيشه لنعود به إلى حيوات سابقة بسيطة امكانياتها وعظيمة فرحة جمعتها، عاشها الأهل والأجداد وستبقى نكهتها طويلاً في أرواح العباد.