في العلاقة مع الدول

آراء 2021/04/18
...

 د. أثير ناظم الجاسور
العلاقة بين الدول تحكمها جملة من العوامل وفي مختلف الجوانب، أهمها السياسية والاقتصادية والمبنية على مجموعة من الأفعال وردود الأفعال، مروراً بالمعاهدات والاتفاقيات، التي بالمحصلة تسير نحو تحقيق المصالح والاهداف، ايضاً في العالم اليوم الدول بحاجة للتوازن في علاقاتها، التي تصمم على التعاون والتشارك الموجهة من خلال مفاهيم الصداقة والتحالف المبنية على التاريخ المشترك والمشتركات الأخرى،
 
 كل ما يتم ذكره من قبل المنظرين في العلاقات الدولية هو يُحدد عمل الدول في ما بينها لمن الأهم في كل ذلك الإرادة السياسية، التي تعد هي المحرك الأساس لتكوين العلاقات وفق قياسات واطر يتم تحديدها على جملة من العوامل والاهداف، بناءً على معطيات الاحداث، بالمقابل حتى تعمل وفق السياقات المنطقية والعملية، لا بدَّ أن تجتاز أو تواجه تحديين أساسيين في رسم السياسة الخارجية للدولة، الأول التحدي الداخلي الذي يتم رسمه وفق المصالح الضيقة التي تحددها عناصر القوة داخل الدولة، سواء الرسمية أو غير الرسمية، التي تعمل على تحقيق المصالح الفئوية والحزبية او جماعات مختلفة تعمل على التأثير في النظام وعلاقات الخارجية، والتحدي الثاني المتمثل بالتأثيرات الخارجية، التي تسير وفق مسارين، الأول هو تحقيق مصالحها القومية على حساب الدول الأخرى وعدم الاكتراث بمصالح الدول التي تتدخل في شأنها الداخلي لدرء الخطر عنها على اقل تقدير،  والمسار الثاني العمل على التأثير من خلال ادواتها داخل الدولة من الجماعات الرسمية وغير الرسمية، القضية المهمة هو التركيز على امرين الأول صانع القرار وقدرته على صياغة ستراتيجية يتفاعل من خلالها مع الاحداث الدولية والإقليمية، هذه الستراتيجية التي تضع النقاط المهمة والاساسية الداعية إلى ابعاد الخطر وتقليل المواجهة، وهذا يعتمد على خبرة ودراية صانع القرار بهذا الخصوص، الامر الثاني أن تكون الوحدة القرارية العاملة في هذا المجال حريصة على تحقيق مصالح الدولة والميل صوبها من دون وضع الحواجز والعراقيل.
في العراق العلاقة مع هذه الدولة او تلك مرهونة بمزاج وسلوك صانع القرار والجهات المؤثرة، إضافة إلى التأثير الأيديولوجي والنسق الفكري لهذه الجهات، وهذا لم يكن وليد الاحتلال عام 2003، لا بل حتى قبل ذلك التاريخ بكثير وهذا يدل على الخلل المؤسسي وعدم امكانيته، الفصل بين العمل السياسي والمؤسسي وبين الارتباطات الأخرى، التي تنادي بها جهات أخرى خارج إطار الدولة، فعلى سبيل المثال هناك تشابك وتعقيد في مسألة التفكير في ما يخص العلاقة بين العراق والدول العربية وبين العراق وإيران وتركيا، فأي تقارب لطرف من دون الأطراف الأخرى يفسر بشك وريبة كبيرين، من دون تقييم العلاقة من جوانب المصلحة الوطنية العراقية، قبل الاحتلال العراق يدور ضمن فلك عمقه العربي، بعيداً عن ايران التي حاربها لمدة ثماني سنوات، وينظر بعين الشك لكل التحركات التركية وهذه القضية بُنيت على المعادلة القومية، التي عرقلت كل مقومات بناء العلاقات المستقرة، إضافة إلى سلوك ومزاج صانع القرار غير المتوازن، بعد الاحتلال بات التحرك نحو العرب يرى بعين الخوف والشك، لأن عدم بناء العلاقة واقعة تحت تأثيرات مذهبية وقومية واثنية او دولة عميقة سلبت الإرادة السياسية العراقية حيادتها وتحركاتها الوطنية، في كلا الحالتين فان هاتين النظرتين عملتا على تقزيم الدولة، بعد ان تم اختزال الدولة وتحركاتها اما بحزب او شخص او طائفة او دين، هذه الأفكار والتوجهات والمنطلقات جعلت من القرار السياسي العراقي مرتبكاً وغير واضح ومشتتاً ومضطرباً.
بالتالي حتى نعمل على ان تكون العلاقات مع الدول مستقرة ومتوازنة لا بدَّ العمل على:
• أن يؤمن صانع القرار العراقي بالمصلحة العراقية والسيادة والإرادة الوطنية، وان يسمح بالتدخل بالشأن العراقي وبالعكس.
• لا يخضع العراق لسياسة المحاور والميول والاتجاهات، على اعتبار ان العراق يعمل ويتفاعل في بيئتيه الإقليمية والدولية كدولة مستقلة.
• يجب أن يحدد العراق موقفه من جميع القضايا وان يحدد علاقاته مع الجميع، وأن تكون على خط واحد من التقارب، منطلقاً من علاقات حسن الجوار وايضاً الاعتماد المتبادل مع الدول الاخرى المبنية على الود والاحترام.