مدائح ثقافية!!

ثقافة 2021/04/18
...

  مالك مسلماوي
 
رأيت ان استخدام المفردة المحلية (خوش) لكثرة ورودها في الحوارات الثقافية والمهرجانات وفي معرض النقد وعلى ألسنة النقاد المحترفين حتى.. خوش شاعر، خوش قاص خوش نص.. وهلم جرا. هو تقييم سريع يتماشى مع لسان السوق، إذ نسمع اصحاب سوق الخضر يروجون لبضائعهم فيقولون: خوش خيار، خوش طماطة، خوش بصل... ومثلها خوش ولد. فانتقلت العبارة الى الوسط الثقافي. والقصد واضح لدى العراقيين بأن هذه الجهة او النشاط المقصود جيدة، وبنفي الجودة يقال: مو خوش.
تبدو مثل هذه الأحكام مقبولة ومعتمدة في التقييم النقدي الشفاهي مع كونها لا تعطي تقييما دقيقا ووصفا مقنعا، وعلى ايّة حال نفهم ان الشاعر او الاديب المعني ذو مستوى جيد يستحق ان يسمع او يقرأ .. ولا اعتراض على ذلك، مع ان الصيغة لا ترقى الى المستوى المناسب المطلوب في الاحكام النقدية وتوخي اللغة المحكمة في ايراد المصطلحات المتداولة او المستحدثة في الوصف، انما الاعتراض على التقييم بحد ذاته، لأن فيه شيئا من التجني وعدم الضبط في التصدي لمهمة كبيرة بكلمة واحدة شائعة (خوش/ مو خوش) التي لا تمت الى لغة الأدب بصلة، فهي لغة الشارع التي اوجدتها ثقافة معينة لتعبر عن قضايا الحياة اليومية فاختلط فيها الأصيل بالهجين والمحلي بالوافد الغريب ولا بأس في ذلك، فغايتها سد الحاجة الى التواصل بين الافراد وحسب. المسألة المهمة التي وددت أن أشير اليها في هذه المناسبة هي يجب أن يكون موضوع تقييمنا هو النص أولا وأخيرا، لأننا نجد البعض يجعل من الشاعر او الأديب أو الفنان محور قراءته فيعطيه النصيب الأكبر من القراءة النقدية، بينما يمر مرورا عابرا على النص، وهذه القراءة فيها تهميش للإبداع لصالح المبدع (منتج النص) وهو – في حقيقة الامر- لا يعني القارئ بالقدر الذي يعنيه النص واكتشاف مضمراته وجمالياته،  ومن خلال ما أنتجه الشاعر تتشكل الصورة النهائية عن تجربته الشعرية، حين ذاك يمكن ان نضع الشاعر في الطبقة التي يستحقها في عملية تقييم متأنية ومحكمة بعيدة عن المزاجية والارتجال. 
 (خوش شاعر) او شاعر مجيد أو شاعر فحل.. وما شابه أوصاف فضفافة وتقييمات شفاهية مجانية لا يعول عليها، وعلينا تركيز اهتمامنا على النص وندع تقييم المنتج الى مناسبات خاصة يتم فيها تناول تجربته الفنية بالوصف والتحليل والتقييم.. وأخيراأقول: لا يسعدني ان اسمع من يقول لي: أنت شاعر كذا.. من الاوصاف المذكورة الشائعة، وما يسعدني هو ان يكون ما انتج محل اهتمام القارئ.