مصانعنا المفقودة

الباب المفتوح 2021/04/20
...

نجم الشيخ داغر 
 
كان للعراق صناعة، طالعني هذا العنوان المؤلم في احد المواقع الخبرية الخليجية وانا ابحث في النت عن موضوع معين، فاثار شجوني ونفخ الروح في احزاني، لأن الموقع الخليجي كتبه بروح تخلو من الموضوعية والبحث عن حل.
وأنا سارح في افكاري تذكرت كيف ان والدي كان يأخذني معه الى معمل سمنت الكوفة لنقل شحنة من مادة السمنت من المعمل المذكور الى بغداد، وكيف كان يعمل مثل النحلة متنقلا ما بين المحافظات لنقل مختلف انواع المنتجات الوطنية، التي اختفت بقدرة قادر من دون ان يشعر بذلك أحد، وحلت مكانها المنتجات الصينية الرخيصة البالية وغيرها من مختلف المناشئ. 
السؤال الملح الذي يطرح نفسه بقوة، هو اين ذهبت مصانعنا؟ ألم نكن في مصاف دول الشرق الاوسط من حيث الصناعة والانتاج؟ أين ذهبت معامل الحديد والصلب والورق والسكر والسمنت والتعليب والزيوت والالبان والمنظفات والزجاج والاجهزة الكهربائية وغيرها؟ لا أحد يعطيك جوابا شافيا! 
هل ان السبب وراء ذلك تهالك البنى التحتية، فأين الدولة من ذلك بعد اكثر من سبع عشرة سنة على التغيير، المشكلة انه حتى في زمن الحصار الظالم على سبيل المثال وأنا شاهد على ذلك، كانت معامل الاحذية التابعة للقطاع الخاص تعمل بكامل طاقتها حتى وصل انتاجها لسد حاجة البلاد والتصدير الى مناطق الجوار وبالاخص سوريا، بيد ان كل ذلك اختفى بظروف غامضة وكأنه لم يكن، حتى بات أكثر من 630 ألف عامل وموظف بلا عمل وارتفعت نسبة البطالة لتصل الى 30 % ، وأصبح العراق بلدا مستهلكا بجدارة وسوقا رائجة لكل ما يصنعه العالم شرقا
 وغربا.
الآن وبعد كل هذه السنوات ألم يستفق اهل الحل والعقد في بلادنا ويتجهوا لاعادة تأهيل مصانعنا العاطلة وغلق باب الاستيراد، كي يستعيد العراق عافيته مجددا ويلحق بركب العالم؟ ألم يلاحظوا اننا سنكون على شفا حافة مجاعة شديدة بمجرد ان تتعرض المنطقة لخطب ما او حرب هنا او هناك، بسبب اعتمادنا على الاستيراد فقط؟
ألم يروا بأم أعينهم كيف استطاعت ايران المجاورة على سبيل المثال، الوقوف بوجه حصار اغلب دول العالم لها، لكونها اعتمدت على نفسها وطورت قدراتها الصناعية والتجارية والزراعية وغيرها؟
ما السبب الكامن وراء ما نعانيه، هل ان من ذكرناهم يمتاوزن بحب اوطانهم ونحن لا!؟ أم ان هناك ارادة دولية تقضي بجعل العراق متأخرا دائما عن الركب؟ هذا ما يجب ان تجيب عنه الحكومة التي ائتمنها الناس على مصائرها.