أحلام عصافير

آراء 2021/04/20
...

 د. كريم شغيدل 
 
بدل الديون والاستقطاعات والضرائب التي أصبحت مصدر تهديد لمعيشة المواطن، والاعتماد كلياً على واردات النفط وإرهاق موازنة الدولة بالرواتب، وبدل أن يصبح الراتب الرهان الوحيد للمواطن، كان بإمكان الدولة على مدى(18 سنة) أن تنتقل من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد الحر تدريجياً، كان بالإمكان إعادة تأهيل مصانع الصناعات الخفيفة، وتطوير القطاع الزراعي والقطاع الخاص وتحقق الاكتفاء الذاتي، قد تكون هذه بنظر البعض مجرد أحلام، لكنها واقعية مشروعة ممكنة وليست مستحيلة، لماذا تذهب العملة الصعبة إلى خارج البلد مقابل منتجات بسيطة لدينا إمكانات أن ننتج ما يضاهيها محلياً (مشتقات ألبان، حلوايات، رقائق، معلبات، مرطبات، مشروبات غازية وعصائر، لعب أطفال، ملابس.. إلخ) ومقابل منتجات زراعية أصلاً متوفرة وبنوعيات أفضل أحياناً، مواد إنشائية من أردأ النوعيات (سمنت، طابوق، حديد خام، مرمر، بلاطات، حديد تسليح، خشب، زجاج... إلخ).
لماذا لم يتطور القطاع الخاص؟، على الرغم من المساعي الكثيرة لدعمه، لماذا لم ينجح الاستثمار الخدمي والعمراني؟، مصانع توقفت، ومشاريع تعثر تنفيذها، والسبب هو الفساد، إذ يعاني القطاع الخاص من عمليات ابتزاز سواء على المنافذ الحدودية في نقل البضائع من محافظة إلى أخرى أم في مضايقات بعض المتنفذين والفاسدين ممن يمتلكون السطوة على الشارع العراقي بعنوانات مختلفة، وغالبية المشاريع ما هي إلا صفقات مشبوهة المستفيد الوحيد فيها المتنفذ ذو السطوة والقوة والتأثير.
لماذا لم تتطور مشاريع المنتجات النفطية؟ لماذا أصبحت قضية الكهرباء مسلسلاً غامضاً؟ من المستفيد من كل هذا الخراب المتواصل؟ لماذا لم تنجح مشاريع الخصخصة؟ لماذا يتم تخريب الإنتاج المحلي لحساب منتجات مستوردة من دول الجوار؟ أظن أن بعض الملفات أصبحت مكشوفة للمواطن العراقي.
إن مسحاً بسيطاً لثروات بعض المتنفذين، عن طريق ما يمتلكون من مصارف وشركات لغسيل الأموال، واستثمارات وممتلكات خارجية، وحجم التعامل المالي في سوق العملة، سيكشف مدى التخريب الاقتصادي الذي تعرض له البلد لحساب بعض المصالح الإقليمية والشخصية.
الشعوب المستهلكة ستبقى متخلفة، مهما امتلكت من ثروات، لاسيما النفط الذي هو رهن تقلبات السوق، ومتى ما نصبح منتجين سنضع أقدامنا على أول الطريق، فهل هي أحلام عصافير؟!