كاظم الحسن
المراهنة على اسقاط الانظمة السياسية، عبر فرض الحظر الاقتصادي، كان له مردود سلبي على الشعوب اكثر من الحكومات المفترض الاطاحة بها، ولنا في شواهد الاحداث السياسية طيلة اكثر من نصف قرن، خير دليل على ذلك ومنها الحصار الاقتصادي الذي فرضته الولايات المتحدة الاميركية على كوبا وهو الاطول في التاريخ الحديث ضد نظام فيدل كاسترو ولم يفلح في اسقاطه، بل ان المتضرر الاكثر هو الشعب الكوبي، ومن سخريات القدر أن الرئيس كاسترو قد عاصر 6 رؤساء اميركان. وكذلك الامر في الحصار الذي فرض على نظام بيونغ يانغ، الذي اتجه الى التسلح وبقي صامدا، لفترة طويلة وكانت معاناة الشعب قاسية ومريعة. اما الحصار الاكثر فتكا ومعاناة فكان الحصار الاقتصادي ضد نظام الطاغية صدام، وفرض بعد غزو هذا النظام الكويت العام 1990 واعقبتها اتفاقية الذل التي تسمى النفط مقابل الغذاء والتي تسببت في انهيار الطبقة الوسطى وتجويع الشعب العراقي من دون ان تمس هيكل النظام، بل ان هذا النظام أخذ يتاجر بمعاناة الناس جهارا. والآن يعاد السيناريو نفسه ضد ايران ضمن مايسمى العقوبات الاقتصادية القصوى او الضغوط القصوى التي فرضها الرئيس السابق للولايات المتحدة الاميركية دونالد ترامب، ولم تنجح في تركيع او اضعاف جمهورية ايران الاسلامية، بل استطاعت ايران ان تصل الى مرحلة الاكتفاء الغذائي الذاتي، إذ لا يشكل البترول العنصر الرئيس في صادراتها عكس العراق الذي تضرر الشعب كثيرا من الحصار.
ويبدو أن طهران عازمة على رفع العقوبات الاقتصادية عنها والعودة الى الاتفاق النووي الذي أبرم في عهد اوباما، وتم إلغاء هذا الاتفاق من قبل ترامب، الا ان ادارة بايدن تبدي الكثير من المرونة والتودد للعودة الى هذا الاتفاق. بمعنى آخر لماذا تعاقب الشعوب بلا ذنب، وتدرك القوى العظمى ان هذه السياسة فاشلة لكنها تصر
عليها؟.
اما قانون قيصر الذي تطبقه الولايات المتحدة الاميركية ضد نظام بشار الاسد فقد تسبب بانهيار المستوى المعيشي للشعب السوري وارتفاع التضخم الى مستويات غير مسبوقة وتردي سعر صرف الليرة السورية، كل هذا لم ينل من رأس النظام والمتضرر الاكبر هو الشعب السوري، الذي يدفع ثمنا غاليا من جراء هذه العقوبات المهلكة، والشيء نفسه يتكرر على الشعب اللبناني، إذ يعيش النظام السياسي اللبناني عزلة دولية وعربية قاتلة، انعكست بشكل سلبي على الموطن اللبناني، ففقدت الليرة اللبنانية 85 بالمئة من قيمتها وتدهورت الاحوال والاوضاع المعيشية في لبنان بشكل مدمر، وهو ما يدعو الى التأمل في جدوى العقوبات ضد الشعوب وليست الانظمة السياسية.