باسم محمد حبيب
كل المحافظات العراقية عزيزة علينا سواء أكانت في الشمال أم في الوسط أم في الجنوب، وكل المحافظات تحتاج إلى مشاريع إعمار وخدمات، ونفرح كثيرا عندما نسمع عن تنفيذ مشاريع إعمارية وخدمية في محافظة أو أكثر من المحافظات العراقية، فهذا الأمر يسعدنا ويشرح صدورنا، ولكن مع فرحنا وسرورنا ينتابنا تساؤل عن السبب الذي يجعل مستوى الإعمار يتفاوت من محافظة إلى أخرى، والأمر ذاته في ما يخص مستوى الخدمات الذي لا يختلف عن واقع الإعمار قيد
أنملة.
إن وجود تفاوت في مستوى الإعمار والخدمات بين محافظات الشمال والوسط والجنوب يعني أن هناك سوءا في التخطيط والإدارة، إذ لا يمكن تفسير وجود كثافة في الإعمار في إحدى المحافظات وشحة في محافظة أخرى من دون أن نعرض لمستوى الأداء والتخطيط الذي جعل الحال هكذا، وهذا الأمر لا يجب أن نربطه بإخفاقات سياسية أو إدارية أو بمشاكل محاصصية فقط، بل وبعوامل سايكولوجية واجتماعية وأخلاقية أيضا، فهناك من لا يلقي بالا لمعاناة الناس أو للومهم بقدر اهتمامه بمكاسبه وبرضا من يعلوه في السلم السياسي أو الحزبي، ومن ثم من الضروري أن نميز في تقييمنا لأداء المسؤولين بين من بذل جهده رغم الصعوبات ومن أخفق نتيجة عجزه وتهاونه
وتواطئه.
ومع أننا نرى أن كل المحافظات العراقية مازالت دون المأمول في مستوى الإعمار والخدمات إلا أننا مع ذلك نستطيع أن نلمس تباينا واضحا في مستوى الإعمار والخدمات بين منطقة وأخرى من مناطق العراق، إذ نجد أن محافظات الشمال باستثناء الموصل هي أفضل حالا من بقية المحافظات العراقية في نسبة مشاريع الإعمار
المنفذة.
تأتي بعد ذلك محافظات الوسط التي نفذ في بعضها مشاريع مهمة سواء أكانت مشاريع خدمية أم مشاريع بنى تحتية أو حتى مشاريع صناعية وزراعية، في ما تتذيل محافظات الجنوب المحافظات العراقية في عدد ما خصص لها أو ما نفذ فيها من مشاريع إعمارية وخدمية، حتى أننا لا نجانب الحقيقة إذا ما قلنا إن أغلب المشاريع الوهمية والمتلكئة هي على الأرجح موجودة في هذه المحافظات التي تعد الأسوأ واقعا والأكثر فقرا بين المحافظات
العراقية.
وعلى الرغم من أن محافظات الجنوب ومعها محافظة نينوى تكاد تكون في مستوى متقارب من ناحية الإعمار والخدمات إلا اننا لا نجانب الحقيقة إذا عددنا محافظة ذي قار الأسوأ بينها جميعا، حتى يمكن القول إن وصفها بالمحافظة المنكوبة هو ليس فقط أبلغ تعبيرا لحالها بل وأفضل تقييما لواقعها أيضا.
ونحن بذلك لا نرى أن ما خصص لها من أموال في الميزانية كافيا لتغيير حالها وتحسين ظروف أهلها، فما تحتاجه هذه المحافظة هو إقرار ميزانية خاصة بها مع أموال كافية لإخراجها من واقعها البائس إلى واقع أفضل
وأجمل.