د.يحيى حسين زامل
بداية لا بد من القول من يتصدر السلطة عليه أن يتحمل النقد، والنقد هو من أخف الوسائل في التصحيح الاجتماعي، فضلا عن السياسي والاقتصادي، كما أن مسؤولية النقد تقع على الجميع وليست محصورة بالنخبة السياسية أو الإعلامية أو الثقافية، وهي مسؤولية أخلاقية تعبر عن الضمير الإنساني الذي يكون الموّجه في حال غياب العقل وتسيّد الطمع والشهوة والاستبداد، نعم هذه الغرائز إذا تركت من دون رقيب ستتمثل إلى صور أكبر قهراً وقسوةً واستبداداً، لذلك تأتي وظيفة النقد من الناقد المحايد والموضوعي والمستقل لتصحيح المسار، وللتذكير بـ "النبي الداخلي" إلا وهو "الضمير"، في داخل الإنسان.
نعم إن الضمير إذا غاب تتحول أكثر الأشياء الطيبة إلى سيئة، وتكون كل الألوان في العالم من قبل "صاحب السلطة " إلى لون واحد، ورؤية واحدة، لذا يأتي النقد للتذكير بأن للحياة ألوان
متنوعة ورؤى مختلفة يحتاجها السياسي الناضج وغير الناضج على السواء، لتتكامل الصورة الكلية في نسق السلطة ومحاورها الممتدة في جسد الدولة الذي يكون مترابط الأنساق والمراكز
والأدوار.
إن المقولة التي تقول إن "السلطة المطلقة، مفسدة مطلقة"، هي مقولة غاية في الأهمية للإشارة إلى خطورة السلطة المطلقة والمهيمنة والمستبدة والتي لا تسمح بنقد الآخرين لها، أو تهملها وربما تقمعها، وفي الوقت نفسه أن من يسمع النقد البنّاء الذي يصل أليها من هنا أو هناك، دلالة على الصحة والتشافي من مرض الاستبداد بالرأي، ولعل من يتقبل النقد بصدر رحب يكون أكثر خبرة وأكثر نجاحاً، لإنه يستدل إلى نقاط ضعفه، كما أنه يتشارك عقول الآخرين بالمجان.
ولا ننسى أن أكثر الدول تطوراً هم أكثرهم قبولاً للنقد، لذلك نحن نشاهد ونلمس في كل يوم تلك النقود في وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة، فضلا عن وسائل التواصل الاجتماعي، لتصبح جزءا من الحياة الاجتماعية في تلك الدول، ومن ذلك خلقت المعارضة السياسية في داخل البرلمانات، لتصحيح أداء الحكومات ومساراتها المتجددة كل يوم مع مستجدات الحياة اليومية
للشعوب.
لذلك ومن اجل صنع دولة السلام والتنمية والرفاهية يجب ان يكون النقد اليومي ديدن المؤسسات الاجتماعية والثقافية، فضلا عن النخبة من الأفراد، للإشارة إلى أخطاء الحكومة لتحسن أداءها في المستقبل، ولتتلافى الحوادث التي تصيب المجتمعات في كل يوم.