الآخر المسَتَفِز

آراء 2021/05/01
...

 قاسم موزان
 
لعل مقولة الكاتب الانكليزي وليام شكسبير «ليس كل ما يقال يستحق الرد، ومقولات أخرى لاتقل أهمية في هذا السياق التي تشكل الركيزة الواقعية لسلوك «الاخر المستفز» والمثير للازعاج، الذي يستغل الثغرات في شخصية الانسان قد تكون خلقية او تمييزية في اللون او العرق والنيل منه بأسلوب يخلو من الاحترام ويجده فريسة سهلة للاجهاز عليها، او أنه أرض رخوة لتصدير مخزوناته العنفية اللفظية، وغالبا ما يتمتع هذا «الاخر» المستفز بقدرات هائلة في استحضار عبارات التهكم والاستهزاء به للتقليل من شأنه، ولا يعنيه ما يسببه من أذى وجرح لمشاعره، وقد تبقى مهيمنة عليه كشبح يطارده الى أمد طويل، وتصبح ما يشبه العقدة النفسية الهادمة للذات ويصعب التخلص منها ويصاب جراءها بالاكتئاب وفقدان ثقته بنفسه وقدراته، وغالبا مايرفع «المستفز» صوته بلغة متهالكة في حوارته المقرفة المثيرة للاستهجان واختيار موضوعات خلافية مستلة من بطون التراث المشكوك بصحته ودرجة الوثوق بها، كل هذه تعبر في احيان كثيرة عن ازمات نفسية حادة ناجمة من آثار البيئة الموضوعية التي نشأ فيها في التأثير المتبادل، وتصرفاته بمجملها ماهي إلا اسقاطات سايكولوجية عميقة «للاخر» المسيء بحق الاخر بغية سد ثغرات شخصيته الهشة وقلقه الوجودي في محيط قاسٍ عانى منه ما عانى، او ضعف وهزالة تعليمه وقتامة واجواء ذلك المحيط الملتبس واجوائه القاتمة التي لا تفتح نافذة على العالم ومتغيراته وثقافاته، وخصوصا ما يتعلق بحقوق الانسان وأحقيته بالحياة وعدم الاعتداء على كيانه، وهذا ما كفلته الشرائع الدينية والاممية بعد سلسلة من الخلافات والصراعات على أساس الطائفة او القومية، ويبقى السؤال كيف يمكن تجاوز هذا «الاخر» وسلوكه الاستفزازي المنحرف عن جادة الصواب وعن قواعد المنظومة الاخلاقية بقصدية واضحة؟، ولعل افضل الحلول تتم من خلال التجاهل التام له بمقاطعته وعدم الالتفات لما يقوله والاقتناع بكينونة الانسان وعدم الالتفات  الى التعليقات والانتقادات المسيئة بحساسية زائدة والقبول بما فيه، ان متطلبات بناء الشخصية وتنميتها وتطويرها الإيجابي وترسيخ حضورها المجتمعي يعتمد على مجموعة مقومات متكاملة تقف في مقدمتها الاسس الثقافية والمعرفية وتشذيب الشخصية من الشوائب، فضلا عن الابتعاد عن مناطق التوتر النفسي التي يتسبب بوقوعها الآخر المستفز لإلحاق الضرر بهذه الشخصية، إنه فن 
التجاهل.