رؤى زهير شكر
في أغلب البلدان المتحضرة التي ترسم حدود الديمقراطية إطاراً يحفظ صورة المواطن فيها وتخط عنوان العيش الكريم له، نراها تحتفل بشكلٍ صريحٍ بعمالها وتضع تحت اسم عاملاتها ألف خط أحمر، كون هذه البلدان تعتبر المرأة المجتمع بأسره وليس نصفاً منه، فضلاً عن دعمها وتوفير البيئة الآمنة لعملها وصون
كرامتها.
في اليوم الأول من أيار احتفل العراق وكسائر البلدان الديمقراطية بيوم العمال العالمي وصدحت في هذا اليوم وقبله بأيام قلائل تصريحات الساسة وقادة الكتل والشخصيات الثقافيَّة والمجتمعيَّة وشدد البعض منهم على ضرورة إيلاء العمال حقهم ومنحهم بساط الأمنيات فإن أغلبهم غض البصر عن دور المرأة العاملة في المجتمع العراقي والذي يُعدُّ مجتمعاً ذكورياً محافظاً تتسيده الأعراف الدينية والسلطة العشائرية، بينما تناسى الجميع تماماً دورها في صناعةِ اليد العاملة بشكلٍ عام من خلال مساندتها ودعمها للرجل، وتنصلوا بتهانيهم ومباركاتهم للمرأة العاملة في الوقت الذي يُسهم أجمعهم بتهميش دورها وإقصائها بل ويصل الأمر الى حد التعنيف بجميع
أشكاله.
في الوقت الذي تتصاعد فيه مطالبات مجتمعيَّة وسياسيَّة بضرورة إقرار قانون العنف الأسري وحماية المرأة بشكل عام سواء كانت عاملة أو لا من
التعنيف الأسري، لا بُدَّ من تسليط الضوء على حماية المرأة من التعنيف الوظيفي الذي تعانيه شريحة لا يستهان بها.. ففي أغلب دوائر الدولة تعاني المرأة تعنيفاً وظيفياً أو لفظياً وذلك من خلال تهميشها وإقصاء دورها الوظيفي بسبب اختلاف الرؤى والايديولوجيات وكون أغلب مسؤولي الدوائر اليوم عائدين لجهات سياسيَّة متنفذة، بات الأمر أكثر تعقيداً
وصعوبةً.
وفي أفضل الأحوال تمنح منصباً لا يتعدى رئاسة وحدة أو شعبة كون منح الكوتا محاصصاتياً بات على استحياء، بعد انتهاء النظام المقبور وحتى اليوم لم نرَ إمرأة تسيدت منصباً مرموقاً سواء أكان على مستوى الوزارات أو الهيئات المستقلة ونسبة ما تسيدن منه لا تتعدى
1 % وعلى سبيل الذكر في إحدى الهيئات المستقلة ثمانية مناصب إدارية خُصص واحدٌ منها لامرأة وتسيد البقية الرجال.
أما على مستوى القطاع الخاص فإنَّ موضوعة المرأة العاملة فيه يُرثى له، تتعرض فيه المرأة لشتى أنواع الابتزاز والتعنيف والتحرش ورخص المساومات فقط كونها امرأة عراقيَّة لا حقوق لها تحاول أنْ تقطع من السماء فتات الرغيف لتسد به رمق
يومها.