مرضى VIP وجشع التجار

آراء 2021/05/03
...

  د.فاضل حسين البدراني
 
معادلة لقضية مستجدة على واقعنا جميعا، أبسط ما يميزها الاختلال في التوازن ما بين مستوى خطورتها وحجم التحديات التي تفرضها، وتأثير الشائعات التي رافقت مسيرتها، إذ شحت الانسانية تحت وطأتها بنسبة تشمل كثيرا من المساهمين بالتصدي لمواجهتها، ما عدا العاملين في مؤسسات الجيش الأبيض بالمؤسسات الحكومية، فلهم كل الشكر والثناء لجهودهم المبذولة، وعددا شحيحا للسائرين على درب الانسانية في القطاع الخاص.
 على مدى شهر تقريبا من المعاناة والتواصل مع المؤسسات الصحية، برفقة من يخصنا بالأمر ومرافقته، بعد ان تسلل العدو اللعين الشرس الجديد الى رئتيه ليستوطن مسببا بأخاديد جارحة في تكوينه الكروي خدوشا في الرئة كحال كل ضحاياه. توصلت لتفاصيل لم أكن أعرفها من قبل، فكل الناس تهابه، ويتحدثون عنه بخوف، والأطباء في عياداتهم يخوضون جولات معركتهم ضده بمواجهات شرسة، بعضهم يجيد فنون المعركة وتحقيق الانتصار عليه بطريقتهم الصحية، والبعض آخر منهم يجيد فنون الانتصار بثنائية المواجهة الطبية والحالة الانسانية ومنهم على سبيل المثال «د.محمد الربيعي» ويؤازره أناس خبراء في فن التعامل بلياقة الانسانية بسقفها العالي، منهم كثيرون أمثال رسل السلام أبو عبد العزيز وأحمد، وآخرون مثلهم، لكن ضحايا هذا العدو يعانون قسوة وجشع بعض الأطباء ولا أقول كلهم، وكذلك أصحاب كثير من الصيدليات والتحليلات المرضية وأجهزة السونار والمفراس، قد أجزم أن بعضا منهم يرى أنه يعيش ربيع أيامه بوجود هذا المتسلل اللعين مع الرذاذ وعلى الأسطح الصلبة، وعلى مدى أكثر من سنة ارتفعت ارصدت بعضهم المالية، بينما شحت أرصدتهم الانسانية كثيرا. في ذات مرة وفي جولة بين سبع من التحليلات والسونار والمفراس، وامام انهيار شدة الدنانير من فئة 50 ألف دينار، قلت لأحدهم أنتم الآن مع (VIP) والوصف هذا ينطبق على المريض المتردي وضعه الصحي، فالمداري له يكون سخيا بالمال بحثا عن الصحة.
افتراس المريض بوباء الجشع المالي، قد يعادل الميزان مع خطورة كوفيد 19، وبمواجهة سيل الدعايات والتشويش والشائعات من الناس والاعلام بقتل الأمل بالحياة ثانية، انما يمثل ذلك ثلاثية جشعة مرعبة لا ترحم.
ضحايا كوفيد 19 هم أقرب ما يكون للوصف (VIP) وهي الصفة التي تطلق على الأماكن والأشياء المميزة، فحتى المضمد وجدته يرفع تسعيره زرق الأبرة الى خمسة أضعاف ثمنها بحجة أن خطورة المرض تستدعي رفع التسعيرة. أما حال المدارين فانه صعب للغاية، مكممون خائفون من المرض المتربص بهم، حائرون في كيفية مواجهته عبر البروتوكول الصحي، وتطبيق شروطه، وبين توفير العلاجات، وجمع نتائج التحليل المختبرية، وأمثالها وبين صرف المبالغ الباهظة؟
نعم الدولة توفر العلاجات مشكورة، لكن أغلب مؤسساتها الصحية المتردية المتهالكة التي تسودها الفوضى العارمة من المراجعين بغياب تام للنظام، تجبر المريض والمرافق له للهروب الى القطاع الصحي الخاص والتسليم بقضاء الله وقدره والاستسلام لسطوتهم ليكونوا (VIP)، بالفعل وباء كورونا خطير على حياة البشرية جمعاء، لكن نحتاج ان يتحلى الجميع بالرحمة والشفقة والتعامل مع ضحاياه على أنهم ضعفاء بحاجة لمساندة الجميع لهم، وعدم جشعهم أيها التجار، والسؤال كيف هو حال الفقير؟.
 
 كاتب وأكاديمي