حسين علي الحمداني
ذات مرة في إحد البلدان العربية سألني أحدهم لماذا تحبون الأمام علي؟ قلت له لأنه يحبنا. لم يكن السؤال يحمل غرابة بقدر ما يحمل أسئلة كثيرة تتفرع منه وتجعلنا نسأل أنفسنا نحن أبناء العراق بالذات لماذا نحب الأمام علي (عليه السلام)؟
الرجل الذي اختار الكوفة عاصمة لدولته وهو يعرف جيدا أن في العراق بيئة صالحة لأفكاره وإلا ما نقل الخلافة إلى هذه الرقعة الجغرافية، من هنا نجد أن هذا الرجل الكبير في كل شيء أحب العراق الأرض والناس معا.
علاقتنا بالأمام علي (عليه السلام) لم تكن علاقة حاكم بمحكوم وخليفة برعية بقدر ما إنها كانت وما زالت وستظل علاقة رجل عادل بشعب مظلوم يبحث عن العدالة، التي وجدها في شخص الأمام عليه السلام. العدالة التي كانت حاضرة في أقوال وأفعال هذا الرجل الذي ساوى بين الناس، وأول حاكم في العالم القديم والجديد يعلن ذمته المالية ويطلب منا أن نحاسبه إن خرج ومعه زيادة في ذلك.الرجل الذي يقر موازنة دولة كبيرة جدا بقياسات دقيقة ويمنح كل ذي حق حقه لا فرق لديه بين هذا
وذاك.
العراقيون ظلوا يحبون الأمام علي (عليه السلام) وهذا الحب الأزلي الذي امتد منذ قرون طويلة جعل منا نحن أبناء العراق لا نرضى ولا نقبل بأي حاكم
لا يحمل مواصفات الأمام علي وعدالته وسماحته وتواضعه، لهذا كان كل حكام العراق بعده من وجهة نظرنا غير مؤهلين وغير عادلين،
ولا يمكنهم أن ينالوا رضانا ولو منحونا كل شيء، والسبب في ذلك أننا لا نريد من الحاكم سوى العدالة التي لم نجدها إلا مع ذلك الرجل الذي قال عنه رسولنا الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) { من كنت مولاه فهذا علي مولاه} لهذا فإن حبنا له أسبابه الكبيرة، والتي تجعلنا لا نرضى بحاكم يحكمنا من دون أن يحمل مواصفات ذلك الرجل الذي جاء بجلباب وخرج به من
هذه الدنيا.
لهذا ونحن نستذكر استشهاده في شهر رمضان الكريم إنما نستذكر تلك القيم التي زرعها فينا الأمام العادل الذي أسس لمفاهيم وأسس ظلت خارطة طريق لنا
كشعب قاده ذات يوم حاكم لن يتكرر، في بلد ظل يبحث منذ ذلك التاريخ عن العدالة التي غابت في لحظة استشهاد أمامها
العادل.