سرور العلي
يقول الفيلسوف الانكليزي توماس هوبز: (الإنسان ذئب لأخيه الإنسان)، ولاشك أن ما يمر به العالم اليوم من مآس، وحروب وعنف، ومؤامرات تحاك في الخفاء يؤكد صحة تلك المقولة، وما ذهب إليه البعض من أن الإنسان مجبولا على الشر، ولديه استعداد فطري لذلك.
تؤدي القوانين والضوابط المجتمعية دورها في كبح جماح كل ما يوسوس للمرء بارتكاب ما يضر بالآخرين، ويسبب لهم الأذى والألم، وفي السياق نفسه يشير الكاتب المغربي طارق بكاري في روايته "مرايا الجنرال"، إلى أن الشر متأصل في الإنسان، أما الخير فهو استثناء يقوم به بعض الأشخاص الوديعين، بينما على النقيض من ذلك يرى آخرون أننا نولد على الفطرة والبراءة، ثم مع مرور الوقت نرتكب الخطيئة.
وما زال صراع الخير والشر قائماً إلى يومنا هذا، مع ارتكاب جرائم، وزيادة عدد الضحايا، وكل هذه الأمور تثبت أن جميع شرور هذا العالم مصدرها الإنسان، ويترتب على ذلك تبعات جمة، كعيش حالة من الرعب والهلع، ونتوجس من بعضنا البعض، والشعور بأن حياتنا مهددة ورخيصة، لاسيما في البلدان التي يحكمها اللصوص، والمجرمون وهم مستعدون لارتكاب مجازر في سبيل الحصول على مصلحتهم الشخصية، واشباع احتياجاتهم، وهذا ما يعني أن هناك من يظلم، وينافق، ويسرق، ويغتصب، ويقتل، وهو مرتدي ثوب العفة والطهارة، ويتظاهر بحبه للخير، وتدفع الانانية، والحسد، والظروف القاهرة، والوضع الاقتصادي المتدني، والبطالة المتفاقمة إلى ذلك الفعل، وكلما تغذى على تلك الغرائز زادت شروره.
نصادف في حياتنا اليومية كثيرين ممن يظهرون الخير لنا، بلسان معسول، وكلمات مهذبة، وهم يضمرون الشر ويدبرونه لنا، ما يجعلهم في تناقض فاضح، وعادة ما يكون هؤلاء ذات نفوس مضطربة ومريضة، وترغب في التشفي، والانتقام، والثأر من الآخرين، وبالنتيجة فإن من يضمر الشر سيعود اليه.
الأمر الذي يدعونا إلى التحكم في نوازع الشر بداخلنا، وهي وظيفة العقل وتهذيب النفس من كل نزعة شر تهاجمنا، وتغليب الخير في كل الأمور التي نسعى اليها، بخاصة أن البعض لديه النفس المؤمنة القوية القادرة على مواجهة تلك النزعات، وهزيمتها، وجعل الضمير حياً دائماً لدينا.