توقع ما تتمنى

اسرة ومجتمع 2019/02/12
...

عواطف مدلول
كل الصراعات الحقيقية التي تدور في العالم الخارجي من حولنا ماهي الا معارك خيالية نخوضها في أعماقنا ودواخلنا، وتبدأ تظهر وتطفو على السطح كلما فكرنا بها بعمق اذ يعتبر الواقع  انعكاسا واضحا لما نحمل من افكار ومشاعر في سريرتنا، تلك حقيقة ينبغي الانتباه اليها لاننا غالبا ما ننسج حكايات وتوقعات لامور تحدث في مخيلتنا فنجدها تتجسد سريعا لنراها امامنا، لاسيما اذا كنا نمنحها تركيزا شديدا وننشغل بها لوقت اطول ونعطيها مساحة واسعة في التصور، فمثلا قد نظن ونتوقع السيئ رغم كل الادلة التي تؤكد بان ليس هناك اشارة سلبية لوقوعه وعلى العكس تماما احيانا يخذلنا محيطنا فيدفعنا للاحباط  والتشاؤم لكننا نحاول ان نمسك خيوط الامل ونتشبث بها بتفاؤل وثقة ونحن على يقين تام بأن هناك شيئا جميلا سيحصل لنا فنعيش النتيجة النهائية نتلمسها ونتخطى الالم بها وفق ما نسعى وفعلا يتم لنا مانريد،  ولو راجعنا مراحل حياتنا لاكتشفنا اننا رسمنا معظم تفاصيلها حتى الصغيرة منها بانفسنا حينما كنا نخاف من عدم اكتمال اعمالنا  رغم اتقاننا لها وبالتالي لم نفلح بها ولو استطعنا ان نغير رؤيتنا للامور لصار بأمكاننا خلق واقع يليق بنا وبأحلامنا، وقد تكون الصورة ضبابية بحياتنا لاننا لم نخطط بطريقة واضحة ومدروسة لمعظم اهدافنا الكبيرة والمتواضعة حتى تأتي بناءً على توقعاتنا التي لم تجد بيئة مناسبة تحتضنها ولو تم لها ذلك لتجلت منذ وقت مبكر من اعمارنا لكننا غالبا ما نخطئ في تقييم امكانياتنا وقدراتنا التي وهبها الله  لنا ونجهل قيمة المكانة التي وضعنا بها حينما  سمح لنا ان نشترك في بناء الحياة التي نحب ان نحياها من خلال سبل شتى كاستثمار اوقات الفرح والمفاجآت السارة التي تحصل في حياتنا حتى لو كانت صدفة والتناغم والتوافق معها بربط تردداتها مع مشاعرنا والاشتباك مع ذبذباتها ذات الطاقة العالية  كي لا نفسح المجال لكل لحظات الحزن والبؤس
 ان تنال منا.
اذ ان في الاصل الحياة جميلة ونحن لم نولد كي نقحم انفسنا بمعارك  ربما خاتمتها خسارات وفشلا حتى لو اعتقدنا اننا خرجنا منها منتصرين فهي حتما ستأخذ منا تضحيات وتستنزف طاقاتنا التي تهدر عليها دون وعي فليس المهم ان نحرز الاولوية وذلك ليس هو الهدف المطلوب لان هناك من هو اسمى منه الا وهو العيش بسلام وصفاء ذاتي وراحة ضمير للوصول لبوابة السعادة برضا وقناعة ولا يتحقق ذلك الا بالابتعاد عن ساحات القتال التي نؤسسها في بيوتنا واماكن عملنا والمحيط من حولنا فتخلف لدينا حقدا وكراهية وامراضا نفسية توقف دوران عجلة حياتنا لان ارواحنا تبقى حبيسة تلك المشاعر التي ينبغي اقتلاع جذورها من قلوبنا وادمغتنا بعمل  تنظيف مستمر و”فرمتة” دائمية لها وحرق كل المعتقدات السلبية التي من شأنها ان تربك وتقلق خطواتنا نحو احلامنا والتمرن على ذلك حتى تظهر الصورة انقى امامنا بعد تغيير نظرتنا تجاه الامور التي تحدث لنا وكما يقول الامام علي عليه السلام (كل متوقع ات فتوقع ما تتمنى).