سلمان فائق رزوق
قبل رحيله الى لندن ووفاته رحمه الله في شباط 2002, كنت جاراً لمقر عمل الدكتور سلمان فائق وشريكاً في التسمية, وقد توطدت صداقتي بأشهر أطباء الجراحة العراقيين القدامى منذ منتصف الثمانينيات.
كنت مديراً لشركة (park Davis) للأدوية التي كان مقرها مجاوراً لعيادة الدكتور فائق, وحدث أنْ زرته لأمرٍ يتعلق بالعمل, ووجد اسمي في بطاقة التعريف هو (سلمان فائق رزوق) فقال لي ضاحكاً: (أنت سلمان فايق رقم اثنين) قلت: نعم, وأنا من محلتكم الأولى حيث يقع بيت الوالدة الذي ولدت فيه في محلة الدنكجية –جديد حسن باشا الذي ولدت أنت فيه, وكان من جيراننا المطرب يوسف عمر والصحفي صالح سلمان.
استغرب دكتور سلمان من هاتين المصادفتين وقال ضاحكاً: (لكنك لست من عائلة آل شاكر التي أنتمي إليها) ثم أوضح أنَّ اسمه الشخصي الكامل هو سلمان فائق وأنَّ اسم والده هو عبد الرزاق افندي بن محمد افندي آل شاكر. وقال إنه يحب المقام العراقي كأي بغدادي ولكنه لم يشاهد يوسف عمر إلا في بعض الحفلات, وكان حدثني حديث معحب ببغداد وأخلاقيات أهلها ووداعتهم وقوة شكيمتهم وجور الحكام عليهم.
كررت زيارته بناءً على دعوته, وكان رحمه الله يحدثني أحياناً عن تاريخه الطبي الاجتماعي الكبير وعلاقته المهنية بالأسرة المالكة السابقة وبالزعيم عبد الكريم قاسم طبياً, وكيف أصبح عميداً لكلية الطب بين (1962 – 63) وأحاله البعثيون على التقاعد وهو طاقة طبيَّة معروفة عالمياً فقد كان واحداً من الجراحين المهمين في زمنه وقد حصل على أعلى الدرجات
العلميَّة الطبيَّة في العالم.
وكان الدكتور فائق يستغرب من اختصاصي الدقيق ودرجة الماجستير في التاريخ الإسلامي وتكويني الديني المسيحي ومعرفتي بالأدوية, وكنت دوماً أحاول شرح هذه التقاطعات التي كان فائق يضحك منها ويقول: (كل شي بالعراق يصير).
حدثني يوماً عن أسرته الكبيرة (آل شاكر) البغداديَّة الكثيرة الفروع وعن منطقة الدنكجية – جديد حسن باشا التي كان شارعها الرئيس قد انتشرت فه إدارات الكثير من الصحف البغداديَّة القديمة مثل (البلاد) و(الاستقلال) وغيرهما, وكنت أشاركه الحديث مستفهماً أكثر منه متكلماً فهو طاقه علمية وشعبية كبيرة.
غادر الدكتور فائق مستشفاه وشارعه الذي اشتهر باسمه في منطقة العلوية عام 1993 الى لندن ليستقر هناك حتى وفاته في شباط 2002 وظل شارع سلمان فائق ببغداد علماً بين الشوارع البغداديَّة الرصافيَّة المعروفة
والذكريات.