نصائح الستراتيجيين للرئيس بايدن لترويض تركيا

آراء 2021/05/06
...

  د. قيس العزاوي
أميركا تلوح بديمقراطيتها مهددة الدكتاتوريين الآسيويين خاصة.. ربما يعتقد البعض بأنها مزحة تلك التي اطلقتها إدارة الرئيس بايدن الديمقراطية لنشر مفاهيمها “الديمقراطية” لأمركة العالم. إنها الحقيقة،
 
 ففي سعيها هذا وجدت نفسها امام تحديين هما: الصين وروسيا، وفي داخل جبهتها الامنية الأطلسية وجدت تمرد حليف قديم انفلت نسبياً عن قبضة الغرب منذ خمس سنوات وهو تركيا. 
فإذا كان التحديان الاسيويان يشكلان القطبين الأكبر وهما الشغل الشاغل للغرب، فإن الاهتمام لا بد أن يتركز في البداية على إعادة توحيد الجبهة الأمنية الغربية، التي تصدعت واخضاع الحليفة تركيا وعودتها الى بيت الطاعة الغربي! فكيف السبيل
 لذلك؟
إنطلاقاً من هذه القناعة اجتمع بعض الستراتيجيين العاملين في مراكز التفكير الغربية الخبراء بالشأن التركي بدعم وتنظيم من معهد واشنطن وعقدوا ندوة في 16 نيسان/أبريل الماضي، لتقديم النصائح لادارة الرئيس الأميركي جو بايدن بشأن العلاقات الاميركية التركية، فبماذا
نصحوه؟
أولاً: يرى سونر چاغاپتاي مؤلف مذكرة 2021 “تحديد سياسة واقعية تجاه تركيا في عهد أردوغان: نصائح لإدارة بايدن” أن أوجه الخلاف المركزية المعقدة بين تركيا والولايات المتحدة هي شراء أنقرة لمنظومة الصواريخ الروسية “أس- 400” الأمر الذي تعده واشنطن انتهاكاً لالتزامات تركيا تجاه حلف
“الناتو”. 
وتعاون واشنطن مع «وحدات حماية الشعب» الكردية في سوريا، ولتوضيح ذلك نذكر ان وزيرة الخارجية الأميركية الاسبق هيلاري كلنتون وعدت الاكراد بتدريب اكثر من 30 الف مقاتل كردي.
الأمر الذي تعده تركيا تهديد خطير لأمنها القومي. ولا يجد جاغابتاي حلاً لهاتين القضيتين المستعصيتين سوى نصيحة واشنطن وانقرة لعزلهما وإعادة التركيز على زيادة التعاون المؤسسي في المجالات ذات الاهتمام
المشترك.
 ثانياً: ينصح چاغاپتاي بإسقاط رجب طيب اردوغان في الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2023 وهو ما لم يقله صراحة ولكن قاله ضمناً حين ركز على: تدني التأييد الشعبي لأردوغان لأدنى مستوياته منذ انتخابه رئيساً للوزراء في عام 2002، و تبخر النمو الاقتصادي الذي عزز سابقاً قاعدته الشعبية، وأخيراً أدى الانتقال إلى نظام رئاسي عام 2018 إلى تقوية المعارضة.
ثالثاً: أما أسلي أيدينتاسباس الباحثة في “المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية” فترى أن أردوغان رئيس واقعي بإمكانه أن يقرر مجاراة مطالب العودة الى الديمقراطية. 
صحيح ان الاقتصاد التركي سجل أسوأ أداء له منذ ما يقرب من عقدين من الزمن، وهو أمر يثير استياء شرائح كبيرة من الناخبين الساخطين، ولكن ذلك ربما يدفع اردوغان إلى التقرب من الولايات المتحدة وأوروبا نظراً لروابطهما الاقتصادية
العميقة. 
ومع ذلك تجد أيدينتاسباس ان تركيا تبنّت استقلالية ستراتيجية تضمن ألا ينحصر مستقبلها في عهد أردوغان فقط بعلاقاتها مع الولايات المتحدة أو
 روسيا.
رابعاً: يلاحظ ماكس هوفمان مدير الأمن القومي والسياسة الدولية في “مركز التقدم الأميركي” أن العلاقة بين الولايات المتحدة وتركيا اصبحت في حالة ركود غير
مريح. 
وقد يكون أردوغان مهتماً باستمالة بايدن، والتعويل على إدراكه بأن العلاقات الأميركية-التركية لا تزال قائمة على الشراكة الستراتيجية القديمة، ولكن من الواضح أن إعادة العلاقة مع تركيا إلى وضعها السابق ليست ضمن قائمة أولويات البيت
الأبيض.
خامساً: تؤكد ذلك جيني وايت الأستاذة في “معهد الدراسات التركية” بـ “جامعة ستوكهولم” فتقر بعدم وجود مكانة واضحة لأنقرة في السياسة الخارجية الجديدة
لواشنطن.
 ودليل ذلك قرار الرئيس بايدن بتأجيل الاتصال بأردوغان منذ تنصيبه، مما يدل على أن أولويات الإدارة الأميركية الجديدة هو حرصها على منع الرئيس التركي من تحقيق فوز
سياسي. 
لذلك تنصح وايت الولايات المتحدة بالتفكير في طريقة للتصدي لميول اردوغان المناهضة للديمقراطية دون الإضرار ببلاده ككل، فاحتفاظه بالسلطة يشكل خطراً على الديمقراطية، وعلى بايدين ان يختار ما بين اردوغان
 والديمقراطية!
مما سبق تتضح لنا مرامي نصائح خبراء مراكز التفكير الأميركية بتوظيف ما استخدموه في العديد من الدول بتحريك منظمات المجتمع المدني الممولة غربيا. 
لاسقاط الحكومة التي تتجرأ بالتمرد على القرار الأميركي وتتحالف مع المنافسين الدوليين للغرب الذي وظف تركيا طيلة سبعة عقود (ثاني اكبر جيش في حلف الناتو) للحفاظ على أمنها من دون ان يضمها اليه بسبب ماضيها العثماني وحاضرها
 الاسلامي!