الرئيس الاميركي يهدد بـ {الفيتو» لصالح حرب السعودية في اليمن
قضايا عربية ودولية
2019/02/12
+A
-A
واشنطن / وكالات
بين ازمة مقتل خاشقجي وحرب اليمن التي تقودها الرياض، وسط ازمة غذاء وصل صداها للعالم الذي دعا مرارا الى ضرورة ايقافها، بغية انقاذ ارواح المدنيين، والذي دعا المبعوث الاممي الى صنعاء الحكومة اليمنية والحوثيين الى ايجاد ممرات آمنة لايصال المساعدات الانسانية، من القمح وغيره التي على وشك التعفن بسبب وجودها في مناطق صراع، ووسط هذه الدوامة من ازمة العيش هددت إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، باستخدام حق النقض (فيتو) ضد محاولة في الكونغرس لإنهاء الدعم العسكري الأميركي للتحالف العربي، الذي تقوده السعودية في حرب اليمن، وذلك قبيل اجتماع الكونغرس لتشريع قانون يمنع الدعم الاميركي لحكومة الرياض في حرب اليمن.
وتأتي هذه التطورات في سياق استمرار الصراع بين ترامب والمشرعين بشأن سياسة الولايات المتحدة تجاه الرياض على ضوء مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في سفارة بلاده باسطنبول.
وقالت إدارة الرئيس الأميركي: إن إجراء المشرعين هذا من شأنه أن يضر العلاقات في المنطقة ويضعف قدرة الولايات المتحدة على منع انتشار التطرف العنيف» حسب تعبيره.
وفي الوقت الذي أعاد فيه مشرعون ديمقراطيون وجمهوريون قبل نحو أسبوعين طرح مشروع قرار بشأن وقف الدعم العسكري، الذي تقدمه واشنطن للتحالف العربي في اليمن، قالت إدارة ترامب: إن القرار غير مناسب لأن القوات الأميركية تقدم دعما يشمل إعادة تزويد الطائرات بالوقود، ولا تقدم دعما بقوات قتالية.
وقد أثار غضب الكثيرين من أعضاء الكونغرس، ومنهم رفاقه الجمهوريون، قرار ترامب بعدم التزامه بمهلة نهائية يوم الجمعة الماضي لتقديم تقرير بشأن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده باسطنبول.
وتدعم الولايات المتحدة الحملة الجوية بقيادة السعودية في اليمن بمهام إعادة تزويد طائرات التحالف بالوقود في الجو، فضلا عن دعم يتعلق بجمع المعلومات والاستهداف.
وأقر مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون في كانون الأول قرار سلطات الحرب، وهي أول مرة يقر فيها أحد مجلسي الكونغرس مثل هذا القرار. لكن الجمهوريين الذين كانوا يسيطرون على مجلس النواب في ذلك الحين لم يسمحوا بالتصويت في المجلس على القرار.
ويسيطر الديمقراطيون حاليا على مجلس النواب ويستعدون لتبني القرار هذا الأسبوع، غير أن القرار سيواجه صعوبة في حشد أغلبية الثلثين اللازمة في كلا مجلسي الكونغرس، للتغلب على حق الرئيس في النقض. ولا يزال الجمهوريون يتمتعون بأغلبية ضئيلة في مجلس الشيوخ.
أزمة اليمن
وفي سياق الحديث عن الدعم الاميركي للتحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن، بينما يعاني سكان اليمن من الجوع الفاحش عوضا عن الثراء بما يمتلكه بلد «اليمن السعيد»، بسبب ويلات الحرب التي لا يزال يستنشق دخانها المدنيون ويتذوقها الشعب جوعا ومرضا، انتقدت الحكومة اليمنية، المعترف بها دوليا، بشدة، بيانا أمميا يدعو طرفي النزاع اليمني إلى ضرورة ضمان وصول موظفي برنامج الأغذية العالمي إلى مستودعات القمح الكبيرة قرب ميناء الحديدة.
وفي بيان مشترك صادر عن المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، مارتن غريفيث، ومساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، منسق الإغاثة الطارئة، مارك لوكوك، حذرت المنظمة العالمية من خطر تلف القمح الذي تحتوي عليه صوامع مطاحن البحر الأحمر، وهو يكفي لإطعام 3.7 ملايين شخص لمدة شهر.
وثمّن غريفيث ولوكوك في بيانهما التزام جماعة «أنصار الله» (الحوثيين) بتنفيذ الاتفاق المبرم في السويد في شهر كانون اول الماضي مع الحكومة المعترف بها دوليا، وجهودها الرامية إلى إعادة فتح الطريق المؤدي إلى الصوامع، وذلك دون التطرق إلى مواقف الحكومة اليمنية والتحالف العربي الذي تقوده السعودية دعما لها.
وفي معرض تعليقه على هذه الوثيقة، شدد وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، معمر الإرياني، في سلسلة تغريدات نشرها على حسابه في «تويتر» ، شدد على أن هذا البيان يعكس «انحيازا واضحا وفاضحا لا يجب السكوت عنه، كونه يخالف الواقع على الارض»، مشيرا إلى أن البيان يتناقض مع تصريحات لوكوك السابقة التي قال فيها إن الحوثيين هم من يرفض السماح لموظفي الوكالات الأممية بعبور خطوط المواجهة والوصول إلى الصوامع، حسب تعبيره.
في غضون ذلك، غادر غريفيث العاصمة اليمنية صنعاء متوجها إلى الرياض للقاء قادة الحكومة اليمنية، وعلى رأسهم الرئيس، عبد ربه منصور هادي، بهدف بحث تطورات الأزمة والعمل على تنفيذ اتفاق السويد.
وأفادت صحيفة «سبق» السعودية بأن هذه الزيارة تهدف إلى استعراض مقترح جديد طرحه رئيس لجنة إعادة الانتشار في الحديدة، الجنرال الدنماركي المتقاعد مايكل لوليسغارد، بشأن فتح الممرات الآمنة ونشر القوات الأممية لإيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، كما تتناول المباحثات ملف الأسرى والمعتقلين.
أزمة خاشقجي
وبالعودة الى الموقف الاميركي من الرياض ايضا تعهد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، بأن تواصل واشنطن التحقيق في مقتل الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، وتتخذ إجراءات إضافية لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة.
وقال بومبيو، خلال زيارة قام بها إلى العاصمة الهنغارية بودابست، تعليقا على موقف بلاده من قضية مقتل خاشقجي الذي يعتبره الكثيرون ضعيفا: «إن أميركا لا تقوم بالتستر على أي عملية قتل».
وأضاف بومبيو: «إننا سنواصل التحقيق في القضية وسنتخذ إجراءات إضافية وسنستمر بمحاسبة المسؤولين».
وتواجه إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، انتقادات واسعة بسبب أسلوب تعاملها مع قضية مقتل خاشقجي، الكاتب والصحفي الذي عاش في الولايات المتحدة بعد تعيين الأمير محمد بن سلمان وليا للعهد في السعودية وكتب مقالات لصحيفة «واشنطن بوست» انتقد فيها سياسات القيادة السعودية، أحد أكبر وأهم حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، قبل اغتياله يوم 2 تشرين اول 2018 في قنصلية بلاده باسطنبول على يد فريق أمني من المملكة.
وحتى هذه اللحظة اقتصرت الولايات المتحدة عمليا في ردها على هذه الجريمة بفرض عقوبات على 17 سعوديا قالت إنهم متورطون في الجريمة، وذلك وسط دعوات كثيرة إلى اتخاذ إجراءات أكثر حسما ضد المسؤولين عن القضية تتزامن مع اتهامات منسوبة إلى ولي العهد السعودي بالوقوف وراءها.
وحتى هذه اللحظة أعلنت النيابة السعودية أنها وجهت اتهامات رسمية بالتورط في قتل خاشقجي لـ11 شخصا وتطالب بإعدام 5 منهم، لكن تركيا، إلى جانب دول أخرى، تقول إن الرياض تسعى للتستر على من يقف وراء هذه الجريمة.
اذ اتهم حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا السعودية برفض التعاون مع السلطات التركية في مقتل خاشقجي، مؤكدا حزم أنقرة في منع التستر على هذه الجريمة وكشف الآمرين بها.
وقال المتحدث باسم «العدالة والتنمية»، عمر جليك، في مؤتمر صحفي عقده عقب اجتماع للجنة المركزية للحزب في العاصمة أنقرة: إن تركيا تولي أهمية لزيارة المقررة الأممية الخاصة بحالات الإعدام التعسفي، أغنيس كالامارد، إلى تركيا للتحقيق في قضية مقتل خاشقجي ونشرها لاحقا تقريرا حول نتائج عملها في البلاد.
وأكد جليك أن بلاده تواصل التحقيق في مقتل الصحفي بكل شفافية، مبينا أن المسؤولين السعوديين لم يستجيبوا بعد لنداءات التعاون في هذا الإطار، فيما أوضح: «لم نلمس بعد تعاونا كافيا مثلما ننشد في قضية مقتل خاشقجي».
وشدد على أن التعتيم على التحقيق يزيد بشكل كبير من شكوك التستر على جريمة قتل خاشقجي، ولفت إلى أن تقرير المقررة الأممية أكد ضلوع مسؤولين حكوميين في السعودية في هذه «الجريمة المخطط لها مسبقا» بحسب المسؤول التركي.
وشدد على ضرورة محاكمة المتورطين في الجريمة بمحاكم اسطنبول، لأن الجريمة ارتكبت بهذه المدينة، وقال: «لقد أكدنا بوضوح أننا لن نسمح بالتستر على الجريمة».
وتابع مبينا: «المدعي العام السعودي (سعود المعجب) أتى إلى بلادنا بهدف الاطلاع على الأدلة الموجودة بأيدينا، وليس من أجل التعاون مع القضاء التركي» حسب تعبيره.
كما شدد على ضرورة «إجراء تحقيق قوي في إطار الكشف عن المسؤولين عن هذه الجريمة ومن أمروا بارتكابها، على أن يكون هذا التحقيق دوليا».