مؤسساتنا الخدميَّة ما بين الحلول الآنيَّة والجذريَّة

آراء 2021/05/18
...

 حسن السلمان 
 
على خلفية حريق مستشفى ابن الخطيب، الذي راح ضحيته 82 شخصاً وأصيب اكثر من 110 آخرين، قرر السيد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي سحب يد كل من وزير الصحة، ومحافظ بغداد، ومدير صحة الرصافة وإحالتهم إلى التحقيق في إجراء عقابي، وخطوة أولى لمعرفة السبب الحقيقي وراء اندلاع الحريق، ووجّهَ مديريات الدفاع المدني بالتوجه إلى جميع مؤسسات الدولة والمرافق الخدمية الأخرى من فنادق وأسواق والعمل على التحقق من صلاحية منظومات السلامة والأمان الخاصة بها وصيانتها. وهو إجراء حكومي آني سبق وأن تم اتخاذه عقب أكثر من حادث مأساوي طال المرافق الصحية على وجه الخصوص، ومنها حريق مستشفى اليرموك الذي راح ضحيته العشرات من الأطفال الخدج وغيرها من المستشفيات سواء كانت حكومية أم أهلية. وهذا يؤكد بما لايقبل الشك بأن المعالجات الآنية السريعة لن توقف مسلسل الحوادث المأساوية، كون أغلب مرافقنا ومؤسساتنا الخدمية يعود إنشاؤها إلى أزمنة بعيدة، الأمر الذي أدى إلى تهالك بناها التحتية ولم تعد أعمال الصيانة والمعالجة، وهي في أغلبها وقتية وترقيعية كافية لتأهيلها وجعلها صالحة لتقديم الخدمات وتوفير شروط السلامة المطلوبة؛ لذا، ماينبغي عمله فعلاً، هو اتخاذ حلول جذرية في تجديد البنى التحتية ومستلزمات شروط السلامة والأمان وفق أرقى المواصفات العالمية بتدخل ومتابعة حكومية مباشرتين، وليس من الصعب على بلد غني مثل العراق أن يقوم بإعمار جذري لمؤسساته، إن لم نقل بناء مرافق ومؤسسات جديدة عبر أفضل الشركات العالمية، وتزويدها بأفضل المعدات والأجهزة الطبية. والأمر لايقتصر فقط على المرافق الصحية، فالكثير من المؤسسات الحكومية الخدمية تعاني من تهالك البنى التحتية وخروجها من الخدمة الفعلية، وتفتقر إلى أبسط شروط السلامة والأمان وغيرها من المستلزمات الخدمية. فعلى سبيل المثال لا الحصر، إن معظم الدوائر الخدمية كدوائر التقاعد والشهر العقاري والمحاكم بلا مصاعد كهربائية، علماً أن معظم المراجعين، وخصوصاً دوائر التقاعد هم من المتقاعدين المسنين الذين يعانون من مختلف الأمراض، إذ يضطرون إلى صعود السلالم في مشاهد يؤسف لها حقاً. اما مستلزمات السلامة فهي تتعدى كم مضخة لإطفاء الحرائق. هذا مايخص جانب البنى التحتية بشكلٍ مقتضب، أما على الجانب الإداري فمعظم الاجراءات الإدارية الخاصة بتنظيم سير العمل ضعيفة وغير ناجعة بالمرة، فالكثير من ردهات المستشفيات حولها المرافقون للمرضى إلى «مطاعم» و»مقاه» بما يجلبونه من أطعمة وأشربة لاتصلح صحياً وحالات المرضى، بل بتنا نرى أن عدد المرافقين في الردهات أكثر من المرضى بسبب التساهل والمحسوبيات وضعف الإجراءات الإدارية، ناهيك عن عدم الالتزام بأيام وساعات زيارة المرضى، وتحويل ممرات ومصاطب الانتظار إلى أسرّة للنوم!. أما مايخص الجوانب التنظيمية في الكثير من المؤسسات الخدمية الأخرى فحدّث ولاحرج، فالتدافع والتزاحم والفوضى ونحن في ظل جائحة كورونا إذ ينبغي التباعد والالتزام بالشروط الوقائية، فهو مشهد بائس مؤسف؛ لذا، فبغير حلولٍ جذريةٍ للبنى التحتية وإعادة نظر ناجعة بالإجراءات الإدارية والأمنية سوف نبقى نتلقى الضربات الموجعة، ونتخبط في دوامة من الفوضى والإهمال، وهو مايعكس صورة قاتمة لواقعنا الخدمي.