يلتقي رؤساء تركيا وروسيا وإيران، رجب طيب إردوغان، وفلاديمير بوتين، وحسن روحاني، اليوم الخميس، في اجتماعات ثنائية، وقمة ثلاثية هي الثانية من نوعها التي تحتضنها مدينة سوتشي الواقعة على ساحل البحر الأسود، لإجراء مباحثات في شؤون مشتركة، فضلا عن أوضاع سوريا.
تمهيد وأجندة
ومهد وزير الدفاع التركي خلوصي آكار، ونظيره الروسي سيرغي شويغو، الطريق لمباحثات سوتشي، بعد أن تقابلا، الاثنين، في أنقرة.
وقال آكار، على هامش لقاء جمع الوزيرين وحضره رئيس جهاز الاستخبارات التركية حقان فيدان: إن تعاون تركيا مع روسيا سيسهم في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، وضمان وقف إطلاق النار في سوريا، مؤكدا أن البلدين يجريان اتصالات دائمة بهذا الشأن.
وعبّر شويغو، من جهته، عن الأمل بالتوصل إلى تفاهمات مع تركيا بشأن «المسائل الأساسية» في سوريا.
ورأس وزيرا الدفاع اجتماعا موسعا لوفدين من البلدين ضما مسؤولين أمنيين وعسكريين. وذكرت وزارة الدفاع، في بيان، أن الوفدين ناقشا أهمية إرساء الاستقرار في محافظة إدلب السورية، على الرغم من الاستفزازات فيها، والتدابير اللازمة لضمان الأمن داخل المنطقة المنزوعة السلاح في المحافظة، كما اتفقا على ضرورة تبديد هواجس تركيا الأمنية الناجمة عن وجود التنظيمات المسلحة الكردية في المناطق السورية الواقعة غرب نهر الفرات وشرقه.
وعبرت موسكو أكثر من مرة عن قلقها تجاه عدم تنفيذ أنقرة التزاماتها بموجب اتفاق إدلب المعلن في أيلول الماضي. وكان الاتفاق «المخفّض للتصعيد» يقضي بأن تنهي تركيا وجود التنظيمات الإرهابية في المنطقة المنزوعة السلاح بحلول تشرين الأول الماضي، لكن هذا الأمر لم يتحقق حتى الآن.
وأعلنت الخارجية الروسية، الجمعة الماضي، أن موسكو تنتظر من أنقرة تفعيل اتفاق إدلب، ولن تسمح بوجود «محميات إرهابية» في سوريا.
وأعلن المكتب الصحفي للكرملين، الاثنين، أن «الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيشارك في القمة الثلاثية الرابعة لزعماء الدول الضامنة لصيغة آستانا للتسوية السورية (...) ومن المقرر بحث الخطوات المشتركة لتحقيق تسوية مستدامة للوضع في سوريا».
وكانت أول قمة ثلاثية عقدت في سوتشي يوم 22 تشرين الثاني 2017، وثاني قمة في أنقرة يوم 4 نيسان 2018، وثالث قمة في طهران يوم 7 أيلول 2018.
وصرّح برويز اسماعيلي، مساعد شؤون الاتصالات والاعلام في مكتب رئيس الجمهورية الايرانية، أن القمة الرابعة للثلاثي الضامن في سوتشي، والتي تستغرق يوما واحدا، ستبحث الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب، ونشر الأمن، وعودة النازحين، وإرساء دعائم الاستقرار السياسي في سوريا، وكذلك نتائج مباحثات عملية آستانا، وبدء العملية السياسية الداخلية، ووحدة الأراضي السورية، وسيادة الإرادة الشعبية العامة، والتعاون في مرحلة إعادة الإعمار في سوريا. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية عن اسماعيلي قوله: إن رؤساء الدول الثلاث سيتناولون في القمة الوضع الميداني الراهن، وتطورات الشأن السوري عقب آخر قمة مشتركة لهم في طهران، وكذلك دراسة وصياغة الإجراءات المقبلة لتعزيز الاستقرار والأمن في سوريا , والقضاء على المجاميع الارهابية المسلحة , اضافة الى السعي في اعمار المنطقة .
مصالح متشعبة
وتحكم مصالح متشعبة علاقات تركيا وروسيا وإيران بشكل ثنائي أو على الأراضي السورية.
ويرى بكير آتاجان، الخبير الستراتيجي التركي، أن «تركيا كانت دائما حريصة على إدامة علاقة حسن الجوار، ويجب ألا ننسى أن روسيا وإيران جارتان لتركيا، وتربط بين الدول الثلاث علاقات ومصالح سياسية وتجارية، منها مواجهة السياسات الأميركية الهادفة لتقسيم دول المنطقة، وصادرات الطاقة، والتسليح، والسياحة، وهذه لا بد أن تؤخذ بنظر الاعتبار».
وفي حديث مع «الصباح» يضيف آتاجان «ثانيا والأهم إن الدول الثلاث ضامنة للملف السوري، وينبغي أن يكون لها رأي مشترك في الأزمات التي تعترضها سواء كانت المنطقة الآمنة، أم ملف إدلب، أم الدستور، وما شابهها من أزمات في الشأن السوري».
وحقق التقارب التركي – الروسي – الإيراني ما لم يحققه التحالف التركي – الأميركي في إطار حلف شمال الأطلسي (ناتو).
ويعلق الخبير الستراتيجي بأن «الخلافات التركية مع الولايات المتحدة الأميركية لن تتحسن طالما ان هناك مخططاً أميركياً لتقسيم المنطقة». ويتابع «ومع أن هناك مسؤولين عن الشرق الأوسط في إدارة ترامب تغيروا بعد أن قرر ترامب سحب القوات الأميركية من سوريا في مسعى يرضي تركيا إلا أن العلاقات التركية – الأميركية ستبقى محكومة بالتوتر».