أزمة لبنان والمبادرة الفرنسيَّة تشمل الحراك الشعبي

آراء 2021/05/19
...

 عبد الحليم الرهيمي
 
 بينما يتواصل استعصاء حل الأزمة اللبنانية المتفاقمة وتعثر تشكيل الحكومة منذ عدة اشهر، تواصل فرنسا في الوقت نفسه، تفعيل مبادرتها لحل هذه الأزمة و (طبخها) على نار حامية، تمثلت بالزيارة الأخيرة لوزير خارجية فرنسا جان ايف لودريان الى بيروت الخميس الماضي.. وخلال ذلك حصل اختراق (بسيط) لكنه مهم ولافت في هذا الاتجاه تمثل في مد المبادرة لتشمل اجتماع الوزير الفرنسي بممثلين عن الحراك الشعبي اللبناني الذي اندلع في 17 اكتوبر- تشرين الأول عام 2019، محاكياً بذلك الحراك الشعبي الذي اندلع في العراق قبل الحراك اللبناني بنحو 
اسبوعين. 
هذا اللقاء الذي استغرق نحو ساعتين، والذي لم يتجاوز لقاؤه بكل من رئيس الجمهورية ميشيل عون ورئيس البرلمان نبيه بري أقل من نصف ساعة لكل منهما، حمل دلالات سياسية كبيرة ومهمة تمثلت بتعبير الوزير الفرنسي بخيبة امله بالطبقة السياسية المتنفذة التي وصفها بأنها تخلت عن وعودها السابقة بالالتزام بالمبادرة الفرنسية التي اطلقها الرئيس ماكرون بعد التفجير مرفأ بيروت المروع في 4 آب العام المنصرم، وكان احد تعبيرات تلك الخيبة واليأس من القادة اللبنانيين هو فرض بعض العقوبات على عدد منهم واعتبار ذلك مجرد بداية لعقوبات لاحقة أهم
وأكبر. 
إن هذا الاجتماع للوزير الفرنسي بممثلين عن الحراك الشعبي هو، في نظر العديد من المراقبين، اختراق مهم في المبادرة الفرنسية عبر توسيعها لتشمل جهات لبنانية مهمة لكن غير رسمية وهم ممثلو الحراك الشعبي ليكون لهم رأي مؤثر لحل الأزمة وتقرير مصير 
اللبنانيين.
وبصرف النظر عما اذا كان توسيع باريس لمبادرتها لتشمل ممثلي الحراك الشعبي الوطني ستمثل اختراقاً كبيراً ومهماً في تلك المبادرة، فإنها انطوت بالرغم من ذلك على عدد من الدلالات المهمة ابرزها واهمها: استمرار الاستعصاء في حل الأزمة اللبنانية لأمد غير منظور، منح قدر مهم من الشرعية للحراك الشعبي واشعار الطبقة السياسية المتنفذة انها لن تكون الوحيدة، باسم الشرعية، لتقرير مصير اللبنانيين، خاصة وان ممثلي الحراك الشعبي طلبوا من الوزير الفرنسي الذي اجتمعوا معه تعزيز العلاقة معهم ودعمهم لمصلحة للبنان واللبنانيين وحل ازمة 
بلدهم.
فضلا عن الرغبة التي عبر عنها ممثلو الحراك اللبناني بطلب الدعم من فرنسا ومساعدتها لكي لاتستمر الطبقة السياسية المتنفذة الاستفراد بهم واحتكار قرار حل او لا حل الأزمة، هو درس مهم لممثلي الحراك الشعبي العراقي الذين عليهم توحيد صفوفهم وتعزيز علاقاتهم مع الدول المستعدة لمساعداتهم والحد من فعل القوى والجهات التي تستفرد بهم وتتمادى في قتلهم وارهابهم ورفض الاستجابة لمطالبهم وللأهداف التي انطلقت من اجلها تظاهرات الحراك الشعبي في تشرين الأول- اكتوبر 2019.