نوزاد حسن
لفت انتباهي فيديو قصير لطفل فلسطيني دون الرابعة من العمر يحمل علم فلسطين، ويلوح به امام مجموعة من جنود الكيان الغاصب.هذا الطفل لم يكتف بهذا لكنه حمل حجرا ورماه باتجاهم، كان الجنود ينظرون اليه، وهم لا يعرفون ان هذا الطفل يروي سيرة وطن بكامله، هل ابالغ لو قلت اننا نرى قصة لغسان كنفاني تروى من خلال تلك اللقطة التي كان بطلها ذلك الصغير، الذي لم يعد طفلا بل رجل
ناضج.
يقال في فلسطين إن الاطفال يولدون كبارا، هذا يعني ان محنة الوطن تلقى على عاتق الجميع في سن مبكرة، وهل هناك محنة اكبر من معاناة عامة يواجهها الفلسطيني بصبر، ويحاول ان يوصلها الى العالم، ويربي ابناءه عليها.
الى حد كبير يشبه الطفل الذي رفع العلم بوجه الجنود النموذج الكاريكاتيري، الذي رسمه ناجي العلي واطلق عليه اسم حنظلة، لكن طفل العلم هو شكل جديد لجيل ينمو في ساحة المواجهة.
حنظلة وهو يقف ويداه خلف ظهره يعبر عن حالة انتظار يعيشها من تعرض بيته للنهبوالسرقة، لقد ظهر حنظلة جديد لا يشبك يديه خلف ظهره بل يجاهر في التلويح بعلم فلسطين، وهذا هو قمة التحدي ورفض العدوان.
لنقل ان فلسطين والقدس حكاية تاريخية طويلة لا نجد سطورها فقط في كتب التاريخ، ووجدان الشعراء بل من الممكن ان نعثر عليها في كل حجر وزاوية يمر بها الانسان، وكما قال جبرا عن قدسه بأن التاريخ ينطق في كل شبر هناك.
افكر دائما بذلك العدد الكبير والمهم من مثقفي زمننا ممن خرجوا من عباءة القدس وبقية مدنها الخالدة، لن ابدأ بادوارد سعيد، وانتهي بجبرا، فهذا التدفق المعرفي لن ينقطع، لكني اود الحديث عن ذلك الصراع الذي ذهب ضحيته العشرات من النساء والاطفال جراء القصف الاسرائيلي على بيوت المواطنين في غزة، قصف عنيف يقابله رشقات صاروخية كثيرة تطلق من غزة وتستهدف مستوطنات متعددة، هي بلا شك مواجهة صعبة جدا في جانبها الانساني، لا سيما ان القصف تركز على ابراج سكنية، تضم عشرات الأسر الذين اصبحوا بلا مأوى بعد تدمير اماكن سكناهم، وقد اشارت تقارير الى ان اولئك الناجين لم يحملوا الا ما هو مهم، تاركين للنار والخراب كل شيء.