حمزة مصطفى
بقيت قضية فلسطين توصف بأنها قضية العرب المركزية الأولى. خاضوا من أجلها حروبا معظمها خاسرة، بل حتى تلك التي وصفت بالرابحة مثل حرب أكتوبر 1973 خسروها مرة بسبب اختلال ميزان القوى الذي كان لصالحهم قبل أن يرسل ريتشارد نيكسون الرئيس الأميركي آنذاك جسرا جويا، بطلب من كولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل آنذاك، ومرة بسبب الخلافات المزمنة بينهم برغم رفعهم الشعارات نفسها. وفي الميزان نفسه بقيت قضية فلسطين قضية المسلمين المركزية والأولى، وفي مقدمتها القدس الشريف الذي يفخرالمسلمون أنهم لا العرب من حرروها للمرة الأولى والأخيرة على يد صلاح الدين الأيوبي المسلم الكردي.
الطرفان يرفعان الشعارات نفسها على مستوى الشعارات والأهداف، وكلاهما قدما التضحيات الجسيمة طوال 7 عقود من زمن الصراع الذي دخل الخطاب السياسي تحت اسم الصراع العربي ـ الإسرائيلي. ومن يراجع أرشيف مجلس الأمن الدولي يجد مئات القرارات الدولية منذ قرار التقسيم عام 1949 والى آخر قرارات ما تسمى الشرعية الدولية، التي لا تملك من الشرعية سوى اسمها، بسبب سيطرة القرار الأميركي على قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة. فمن يراجع قرارات مجلس الأمن يلاحظ عدد المرات التي اتخذت فيها واشنطن حق الفيتو بالضد من أي قرار يمكن أن يقول لإسرائيل .. على عينك حاجب.
وفي ظل مابدا أنه تسويات نهائية بدأت أواخر عهد دونالد ترمب، سواء على صعيد مسلسل التطبيع أو صفقة القرن، فلم يكن بمستطاع أحد أن يتصور أن المعادلة التي بدت هذه المرة شديدة الاختلال يمكن أن تتغير لصالح أصحاب القضية ولأول مرة منذ سلسلة النكبات والنكسات. فلأول مرة يواجه الكيان الإسرائيلي مواجهة غير مسبوقة عبر الصواريخ التي أطلقت من غزة، والتي أنهت ما يسمى بالقبة الحديدية والدرع الصاروخي، الذي كانت "تزامط" به إسرائيل على مدى العقود الماضية.
لكن الحروب ليست صواريخ فقط. ففي النهاية كلا الطرفين يملكان مخزونا من هذه الصواريخ طال النزاع أم قصر. الأمر الآخر المهم هو الخطوات التالية، التي لابد من سلوكها حيال ما يجرى. وفي سياق ما يحصل فإنه في الوقت الذي يقول العرب والمسلمون إن فلسطين قضيتهم الأولى فإن إنقسامهم لا يزال قائما وربما إزداد بعد حرب الصواريخ في غزة، الأمر الذي سوف يستفيد منه العدو وهو أمر يبقى في غاية الخطورة، لأن المستفيد الأول من إستمرار هذا الانقسام هو العدو الذي يفترض أن يوحد الطرفين.