حسين المولى
من بادرة القول، لا يخفى على الجميع الانتهاكات الخطيرة في العالم الإلكتروني، والحاجة الملحة لوجود قانون يكافح ويعالج الظواهر السلبية التي تحيط به، فمن هنا ومع التعديلات الأخيرة لمقترح قانون مكافحة الجريمة الإلكترونية في العراق نطمح في إنهاء الجدل والتصويت عليه، لما يمتاز من أهمية كبيرة جدا لمعالجة العديد من الظواهر السلبية
فلا مجال لعدم وجود قانون لمكافحة الجريمة المعلوماتية في ظل وجود هكذا قوانين في غالبية دول العالم، فالجريمة المعلوماتية والمجرم المعلوماتي هما طريقتان حديثتان في ارتكاب الجرائم، بعد أن كان المجرم يحمل سلاحه ويذهب لسرقة بنك أو دار، بات الآن يفعل ذلك بضغطة زر، وبعد أن كان المجرم يهدد عن طريق إرسال ظرف إلى شخص آخر بات الآن يفعل ذلك برسالة إلكترونية، وبعد أن كان التحرش واقعيًا يحدث بين الشوارع وأزقة الطرقات، بات الآن يتداول بين المحادثات الإلكترونية، العالم الإلكتروني فَرض علينا واقعًا جديدًا يجب التكييف معه، ومع هذا التكييف لا بُدَّ من ان تكون هنالك تشريعات تكافح الكثير من الانتهاكات داخل هذا العالم الجديد، وفي مجال انتهاك الخصوصية التي تمتاز بأنها إحدى اهم الجرائم انتشارًا في العالم الإلكتروني، يمتاز الركن المعنوي بأنه الركن الثاني في أركان الجريمة، فهو الركن الذي يحتوي القصد الجرمي الكامن في الشخص نفسه، والذي يدفعه لارتكاب جريمة معينة، وهذا الركن يدخل في كنفه العلم والإرادة، وما يهمنا الآن في هذي الفسحة المقالية هو تحديد الركن المعنوي لجريمة الاعتداء على خصوصية الأشخاص، فيثور التساؤل بماذا يتميز هذا الركن لجريمة الاعتداء على الخصوصية؟
للإجابة عن ذلك ابتداءً ومع عدم وجود نصٍ خاص يعالج هذا النوع من الجرائم في التشريع العراقي - مع وجود مقترح قانون مكافحة الجريمة الإلكترونية على طاولة مجلس النواب- فالمجال مفتوح للجميع في الاجتهاد وإبداء الرأي بذلك، فالعلم والإرادة في الجريمة بصورة عامة هما أساس قيام المسؤولية الجنائية، وفي هذا النوع من الجرائم يتطلب وجود نية الإساءة حتى تتحقق الجريمة، ونجد من المناسب ذكره في مدى مسؤولية استخدام الحق في هذا النوع من الجرائم مثلا في سبيل الإخبار عن الجرائم أو غير ذلك؟
في مناط الإجابة عن ذلك فأنه لا يمكن ان يعتد استعمال الحق في سبيل التشهير أو استغلال هذا الحق، ونختلف مع ما سارت عليه المحكمة الاتحادية العليا في دولة الإمارات العربية في إحدى أحكامها الحديثة، مفاد الحكم بأن القصد الجنائي في جريمة الاعتداء على خصوصية الأشخاص أن يكون مستخدم الشبكة المعلوماتية سيئ النية، قاصداً في ما نشره الإضرار بسمعة الغير، فالرأي المناسب في هذا المجال هو استخدام الحق المقرر في القانون وهو توثيق الجريمة متى سُلّم التصوير للجهات المختصة فقط.