الرأس قبل السكين!

آراء 2021/05/23
...

   عبدالامير المجر 
 
من طريف ما سمعته مبكرا، حكاية عن أرومة كبيرة عرفت بالبلاهة. 
فقرر عميدها الذي كان يحرجه هذا بين الناس، ان يذبح ثورا قرباناً (لوجه الله) ان تخلصت الأسرة من هذا الداء! وجعل بعض رجاله ممن يراهم بحال افضل من غيرهم بمثابة مراقبين على ان يأتوه بالبشرى لينفذ الوعد او النذر. 
وهاهم اجتمعوا عنده بعد مدة واخبروه انهم تجاوزوا هذه المسألة وباتوا في حال طبيعية تسرّه. 
فرح الرجل وأمر بذبح الثور. وبما ان السكاكين وقتذاك قليلة، لذا طلبوا من أحدهم وفي بيته سكينا ان يعيرهم اياها للذبح، لكنه رفض مطالبا ان يحصل على الرأس مقابل السكين، وعلى الرغم من انهم وعدوه بذلك، لكنه اصر على استلام الرأس قبل تسليم السكين!. 
حينها قرر عميد الأسرة أن يوقف عملية الذبح قائلا: لم نتجاوز البلاهة بعد فلا داعي لنحر الثور!. 
الحديث في السياسة مع بعض الناس، وهم قلة وليسوا الأكثرية، يورث وجعا في القلب، ليس لأنهم يصرون على التمسك بآراء خاطئة ولايناقشونها، بل لأنهم باستشهاداتهم وحججهم يجعلونك تؤمن بلا جدوى الحوار معهم، او هذا ما حصل معي اكثر من مرة، وأنا أحاول أن أقنع هؤلاء بضرورة الذهاب للاقتراع في الانتخابات القادمة، وسبب رفضهم او مقاطعتهم هو انهم يرون لا جدوى من الانتخابات، مستندين في موقفهم هذا الى وعود قدمها لهم مرشح سابق وفاز (اعرف منهم انه ينتمي لإحدى الكتل) من دون ان ينفذ وعده بالتعيين او طلبات شخصية اخرى.
وعبثا حاولت اقناعهم بأن المشكلة ليست بشخص المرشح، بل بالمشروع السياسي الذي يحمله حزبه او كتلته، وان التخلص من هؤلاء الفاسدين وتجديد البرلمان بوجوه بعيدة عن الطائفية والعرقية، هو الهدف من الانتخابات المقبلة التي ستجرى في ظرف مختلف نسبيا عن سابقاتها، والمشاركة الواسعة ستنتج واقعا سياسيا مختلفا، نأمل ان ننطلق منه لاستعادة الدولة المنهوبة والمخربة. 
لقد وجدت نفسي مضطرا لسرد حكاية تلك الأرومة لأحدهم! وربما زعل او لم يقتنع، لكني وبصدق أرى من يريد تغييرا كبيرا الآن ويطالب الحكومة بصناعة واقع امني واقتصادي مثالي وهي محكومة بمعادلة برلمانية صعبة، لا يختلف كثيرا عن صاحب السكين. 
ولو كره البعض هذا التشبيه لقسوته!.