سلام مكي
لا يمر يوم، من دون أن يذاع خبر ارتكاب جريمة هنا او هناك، كأن يقتل الأب أطفاله أو تقتل الزوجة زوجها، أو يقتل شخص أقرباءه وينتحر.. وغيرها الكثير من الجرائم غير المألوفة في المجتمع العراقي، والتي لم تكن معروفة سابقا. فلم نسمع في السابق أن زوجا قتل زوجته من دون سبب أو زوجة أحرقت زوجها وهو نائم، أو زوج قتل أهل زوجته أو أهل الزوجة قتلوا زوج ابنتهم، تلك الحوادث التي كثرت هذه الأيام وبشكل غريب، رغم ما تخلفه من آثار خطيرة على السلم الأهلي، خصوصا الثأر العشائري والانتقام الذي يتولد لدى أبناء عشيرة المقتول، لم نسمع يوما وجود تحرك جاد لدى أي جهة حكومية كانت أو غير حكومية، على الأقل لدراسة أسباب هذه الظاهرة الدخيلة على المجتمع، بغية تحديد أو معرفة العلاج الذي يمكن أن يستخدم لها، وما لا حظناه من خلال مواقع التواصل الاجتماعي لمقاطع فيديو تظهر اجتماعا عشائريا تخص مناقشة تبعات جرائم قتل مختلفة، ندرك بعدها على أي فوهة بركان يعيش عليها المجتمع، والتي من الممكن أن تثور في أية لحظة. ولعل كثرة النزاعات العشائرية والمعارك التي تدور بين أفراد العشائر في مختلف المدن، وحتى في بغداد، واستمرار الممارسات العشائرية المخالفة لحقوق الانسان، كالدكة العشائرية والثأر وغيرها، رغم ما صدر عن مجلس القضاء الأعلى من بيان يؤكد فرض عقوبات صارمة وقاسية بحق من يمارسها، يدل على أن النزعة الانتقامية لدى بعض أفراد العشائر، لا يمكن إيقافها من دون وجود مقومات وامكانيات كبيرة، تقف أمامها. وتلك النزاعات، متأتية من وجود أزمات داخل المجتمع، عبارة عن معاول لهدم بنية المجتمع، ونخر أركانه القائمة على مجموعة من الأسس الأخلاقية والعرفية والدينية، التي قد تنهار وتتلاشى بمجرد ارتكاب أي فعل من قبل فرد أو مجموعة أفراد.
الوضع المجتمعي خطير جدا، وما يتعرض له مدنيون جراء الآثار التي الظواهر الدخيلة والممارسات المخالفة لأبسط حقوق الانسان والعادات والتقاليد، ما هي إلا سبب من أسباب النزاعات العشائرية، التي تشهدها بعض المدن وبشكل شبه يومي. فلا بد من التحري ومحاولة الكشف عن مسببات الانحدار الاخلاقي، الذي وصله بعض الأفراد، معرفة سبب قتل الزوج لزوجته والأب لابنه وبالعكس.
في السابق كانت تلك الحالات نادرة، وقد تحدث مرة كل 10 سنين، أما اليوم فقد أصبحت شبه ظاهرة، تحدث بشكل مستمر، وكأنها جريمة مثل أي جريمة أخرى ترتكب، فهل سيبقى المجتمع يعاني من الظواهر الشاذة الدخيلة عليه، من دون أن يسعى أحد لحلها أو على الأقل معرفة أسبابها؟ ألا توجد منظمة مجتمع مدني أو كاتب أو مختص بعلم النفس أو الاجتماع، يدرس حالة من الحالات التي يشهدها المجتمع لمعرفة سبب إقدام الجاني على فعلته؟ هل سيبقى المجتمع أسيرا بيد تلك أفراد لا وازع أخلاقي ولا ديني لهم، يقتلون ويسرقون ويفجرون من دون سبب؟