أسئلة الناخب

آراء 2021/05/24
...

 اياد مهدي عباس
 
يتطلع الجميع للانتخابات المقبلة بخوف وتأمل الى ضرورة إحداث تغييرات ايجابية في الخريطة السياسية وذلك عبر صناديق الاقتراع وتحقيق مايصبو اليه المواطن، من اجل انتخاب الاصلح والافضل لقيادة المرحلة المقبلة، ولكن هناك ثمة معوقات تحول بينه وبين ما 
يتمناه. وفي مقدمة تلك المعوقات مفهوم المحاصصة ومفهوم التوافق تلك المفاهيم الدخيلة على النظام الديمقراطي، والتي كبلت العملية السياسية بقيود حالت دون تحقيق مقتضيات نجاح التحول السياسي الجديد، والانتقال من سياسة الحزب الواحد المتسلط والمستبد الى التعددية الحزبية في ظل الاجواء الديمقراطية الجديدة، وبالتالي كان الفشل كبيرا، والثمن باهظا بسبب القاعدة الرخوة التي اسستها الاحزاب السياسية المشاركة في بناء الدولة الجديدة وتبنيها لتلك المفاهيم، التي لا تنسجم مع البناء الديمقراطي السليم، حتى اصبحت في ما بعد عملية تصحيحها امراً بالغ الصعوبة بسبب رسوخها في العملية السياسية وتحولها الى جزء لا يتجزأ 
منها. 
لذا اصبح امام الناخب خياران لا ثالث لهما، الاول هو التسليم لتلك المفاهيم والبدع السياسية الدخيلة والاذعان لها وغض الطرف عن مساوئها الجسيمة، ووصفها جزءا من البنية السياسية للنظام الجديد والسير عليها، رغم الفشل الذريع والضرر الكبير، الذي اصاب كيان الدولة الغظ بمختلف قطاعاته الاقتصادية والسياسية والانسانية، جراء التمسك بتلك المفاهيم من قبل الاحزاب السياسية، تحت ذريعة متطلبات ظروف المرحلة، على الرغم من ان الشعب العراقي تجاوز تلك الظروف الاستثنائية، التي رافقت تشكيل الدولة الحديثة واصبح يتمتع بنضج سياسي كبير. 
اما الطريق الاخر امام الناخب هو العزوف عن المشاركة في الانتخابات المقبلة بسبب الاحباط الكبير الذي اصابه، جراء مخرجات الانتخابات السابقة وبروز طبقة سياسية منتفعة قامت بتغليب مصالحها الحزبية والشخصية على المصلحة
 العامة
 وهذا خطأ كبير سوف يقع فيه المواطن لا يقل ضررا عن الاخطاء التي ارتكبها السياسيون بحق العملية السياسية والتحول الديمقراطي في العراق بعد سقوط الديكتاتورية. 
 ما اريد قوله انه لا مناص من التغيير عبر الوسائل الديمقراطية وصناديق الاقتراع، خصوصا بعد التعديلات التي طالت قانون الانتخابات والتغيير الحاصل في الدوائر الانتخابية التي اعطت الفرصة للاشخاص والكيانات المستقلة، لأخذ دورها في الوصول الى قبة البرلمان وقيامها بدور مهم خارج اطار هيمنة الاحزاب المتسلطة، وإحداث تغيير في مسار العملية السياسية بالشكل الذي يخدم المواطن والوطن. 
 صحيح انها خطوة صغيرة ومتواضعة باتجاه الاصلاح وجاءت متأخرة نوعا ما وهي نتيجة الحراك الشعبي الكبير، لكنها بارقة امل نحو غدٍ افضل اذا ما استغلت بالشكل الصحيح وكما يقول المثل طريق الالف ميل يبدأ بخطوة.