حكاية كل المواسم

الرياضة 2021/05/26
...

خالد جاسم
تتكرر وتتجدد في دوري كل موسم كروي حالات الاحتجاج والتهديد بالانسحاب من المسابقة من قبل بعض الاندية الرياضية، خصوصا في المحافظات، بالاضافة الى بعض الاندية البغدادية، وإن كانت حكاية كل احتجاج أو انسحاب أو التلويح بهما من هذا النادي مختلفة نوعا ما عن حكاية ناد اخر، مع أنها حكاية تنسج بين الحين والاخر بخيوط  مختلفة الألوان ومتنوعة الأسباب والأهداف .. وأكاد أجزم فأقول إن هذه الحالة - الاحتجاج و التهديد بالانسحاب - قد ارتقت وتطورت فصارت ظاهرة بل ربما الظاهرة الأبرز في المواسم الكروية الأخيرة التي تكاد تخلو مسيرتها من الظواهر الإيجابية تماما مقارنة بالظواهر السلبية المتجددة الأشكال والنوايا والغايات..وحلقات مسلسل التهديد بالانسحاب ما دمنا نقترب من الربع الأخير من مشوار المسابقة الممتازة مرشحة للزيادة مع تصاعد درجات الحرارة والتهاب التنافس، سواء على اللقب أو في صراع الهروب من القاع، بل سوف نشاهد في كل جولة قادمة بطلا مظلوما قد يكسر قاعدة التهديد بالانسحاب، لأن التهديد سيكون مرتكزا على سوء التحكيم وما قد يلحق بهم من حيف على يد ( الجلادين ) من حكام الكرة الذين يفترض أن يكونوا أسعد أطراف كرة القدم هذا الموسم، لأن المباريات بلا جمهور بسبب لعنة - كورونا - ومن ثم فإن خواء المدرجات يجب أن يكون ملهما قويا وحافزا مضاعفا لأهل الصافرة ومن يعاونهم في تقديم أفضل جرعات الأداء التحكيمي بعد تحررهم من ضغط الجماهير، وليس أن نشاهد العكس عبر تزايد صريح في الهفوات والأخطاء المميتة في التحكيم مع إصرار غريب على تجاهلنا الفاضح لاستخدام طريقة - الفار - كلقاح حضاري مهم في التغلب على نوبات - كورونا - التحكيمية في ملاعبنا التي تفتقد كذلك الى الكثير من المواصفات الصحية والصحيحة في زمن الجائحة وما قبله .
وعودة الى الظاهرة الأكثر سطوعا في سماء الدوري الممتاز، ظاهرة الاحتجاج والتهديد بالانسحاب، أقول إنها نتاج طبيعي وافراز متوقع في منظومتنا الكروية التي تفتقر الى كل ما هو منظم ومخطط له بصورة صحيحة، ابتداء من شكل الدوري وعدد فرقه، مرورا بنظامه واليته، وانتهاء بتسطيحه وعجنه وخبزه، ليظهر لنا أخيرا بهيئة رغيف طازج وحار ورخيص (مثل خبز باب الأغا ) كما يقول المثل الشعبي الدارج، وبمسمى الدوري الممتاز بعد التخلي قبل موسمين أو ما يزيد عن فكرة معاودة العمل بمسمى دوري النخبة في مسابقة لا تستحق أن توصف بهذه التسمية في ظل الفقر الكروي الصريح، فناً وأداء ومواهب ومستويات وبلا نخبة ولا هم يحزنون.!
إنه ضحك على الذقون وإمعان ساذج في تسفيه الأمور وتماد عجيب في اللعب بمقدرات الكرة لدينا، وإلا كيف يتم زج كل هذا العدد الكبير من الاندية وحشرها في مسابقة لا تغني ولا تسمن من جوع، وتحت يافطة الدوري الممتاز، ومعظم هذه الأندية تفتقر الى القدرات المالية التي تعينها على إدامة زخم حضورها في مباريات مسابقة ربما ستخرج منها نصف الفرق المشاركة كالخروج من المولد بلا حمص، طالما ان البقاء سيبقى للأقوى ماديا في مطلق الأحوال في الجزء المتبقي من مسلسل دوري الكرة، وأن شرف الحضور فيه سيكون للأندية المتخمة ماليا ونجحت في استخدام افضل ما هو متوفر من الكفاءات لعبا وتدريبا ومن دون أن تضطر اداراتها الى الاحتجاج أو التلويح بالانسحاب أو التهديد بورقته، مع أن تخمة المال صارت لعنة حقيقية على بعض من نطلق عليهم تسمية الكبار، في دوري فقد هيبته عن سوء تخطيط وتدبير، كما هو حال دوريات الدنيا التي بلغت خط النهاية تقريبا، وعجلة مسابقتنا الممتازة مستمرة في الدوران الى أجل غير مسمى.!