بطالة من دون حل

آراء 2021/05/30
...

   د . صادق كاظم 
 
تشير الاحصائيات الرسمية الى ارتفاع معدلات البطالة الى ارقام مرتفعة وصادمة لم يسبق ان مرت بها البلاد من قبل، حيث بلغ عدد العاطلين عن العمل قرابة الــ15 مليون شخص اي ما يعادل ثلث السكان، اضافة الى ارتفاع نسبة الفقر في البلاد الى ما يقارب الـ35 في المئة ايضا، وهذه مؤشرات تؤكد تعثر البرامج الاقتصادية للنهوض بالمستوى المعاشي للمواطنين واقتصارها على حلول ارتجالية لم تسهم في اصلاح الاوضاع، رغم العديد من الخطط والاوراق الاصلاحية، التي صدرت في الماضي ولم تسهم في حل الاوضاع الاقتصادية يوما. 
غياب الاستثمارات  والتعقيدات الروتينية التي تواجهها عمليات الاستثمار في العراق، التي تعد الحل المناسب لاستيعاب معدلات البطالة المرتفعة، اضافة الى ترهل القطاع الحكومي بملايين الموظفين غير المنتجين، نتيجة لغياب برامج التطوير لمؤسسات الدولة التي تعمل على تحويلها الى مؤسسات منتجة وفاعلة، فضلا عن حماية المنتوج الوطني من المنافسة وافساح المجال للقطاع الخاص، بأن يأخذ دوره في اقامة مشاريع انتاجية متنوعة ومتطورة تخدم الاقتصاد من جهة، وتكون منافسة للقطاع الحكومي العام في جذب الايدي العاملة نحوها من جهة اخرى، بدلا من الضغط الحالي والكبير الذي يتعرض له القطاع العام والطلب المتزايد على الوظائف والذي يفوق الطاقة الاستيعابية له، حيث بات هذا القطاع هو مطلب طالبي الوظائف.
من المؤكد ان غياب عملية التخطيط يسهم في مفاقمة معدلات البطالة، اذ يفترض ان تكون هناك خطط ستراتيجية رئيسة تضع في نظر الاعتبار عملية تنظيم دخول مختلف فئات وشرائح المجتمع الى سوق العمل، خصوصا طلبة الجامعات الذين يشكلون النسبة الاكبر،حيث يدخل منهم الى سوق العمل قرابة الـ 150 الفا سنويا وبمختلف الاختصاصات، ونسبة كبيرة منهم لا يجدون فرصا حقيقية للعمل بسبب عدم ملائمة اختصاصهم لمتطلبات سوق العمل، وكذلك العمل في مؤسسات الدولة مما يشكل ازمة حقيقية، اضف الى ذلك فان تعطل قطاع الصناعة في العراق وتعثره جعلا نسبة كبيرة من خريجي الكليات الهندسية شبه عاطلين عن العمل، وفي ذلك اهدار كبير لقدراتهم ومجهوداتهم.
ارتفاع معدلات البطالة وسط تناقص فرص العمل يعطي مؤشرات سلبية وترك المشكلة تفاقم من دون حل، يجعل الحكومة تحت ضغط شعبي كبير والحل في مبادرة الحكومة في ترصين وتثبيت الاستقرار السياسي والامني من اجل جذب الاستثمارات الخارجية، اضافة الى منح العاطلين عن العمل المزيد من القروض وبشروط ميسرة تسمح لهم باقامة مشاريعهم التجارية والصناعية الخاصة. ان التخطيط المنظم والاستثمارات نجحا في تحويل الصين من دولة محدودة الامكانيات في بداية عقد الثمانينيات من القرن الماضي الى دولة عملاقة اقتصاديا وباحتياطي نقدي يصل الى 2000 مليار دولار وبقوة عاملة تبلغ 800 مليون شخص من اصل مليار و200 مليون شخص هم مجموع سكان الصين.